الأربعاء، 3 فبراير 2010

إحذر أن يخف ميزانك !!


بقلم/ الشيخ جمال الدين شبيب
تناولني أخ مسلم بكلام مسيء جداً .. فلم أجد رداً أبلغ من أن أهديه وأمثاله هذا النص القّيم لشيخنا الجليل عبد العزيز بن عبدالله بن باز رحمه الله
قال سماحة الإمام الوالد عبد العزيز بن عبد الله بن باز :
احذر - يا أخي - هذا الموقف ! احذر أن يخف ميزانك ! احذر أن تعطى كتابك بيسارك ! إنها مصيبة عظيمة ، واحرص على أسباب السعادة والنجاة ، وأن يثقل ميزانك ، وأن تعطى كتابك بيمينك ، وأن تكون من السعداء الرابحين الناجين .
هذه الدار دار المحاسبة ، فحاسب نفسك ، وانظر في أعمالك ليلاً ونهارًا ودائمًا حتى تموت ، فإن كنت مستقيمًا فاحمد الله ، واشكره، واصبر وصابر ، واسأل ربك التوفيق والثبات .
أما إن كنت قد قصرت وأهملت في بعض الأشياء فحاسب نفسك ، وتب إلى الله، واستقم ، وراجع ما فرطت فيه ، واستقم على أوامر الله ، وابتعد عن نواهي الله ، عن نية صادقة ، وعن إخلاص لله ، وعن رغبة فيما عند الله ، وعن صدق [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ) . [ التوبة : 119 ] . فالصدق لابد منه : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ) . [التوبة : 119 ] . ( فَلَوْ صَدَقُوا اللهَ لَكَانَ خَيْراً لَهُمْ ) . [محمد : 21 ]
ويقول سبحانه في آخر سورة المائدة : ( هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ) . [ المائدة : 119 ] .
هذا حال الصادقين ، من صدق مع الله في أداء الحق ، وترك ما نهى الله عنه ، وفي مجاهدة النفس بالخير ، والمسارعة إلى الخير ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، والتواصي بالحق ، والنصح لله ولعباد الله .
من جاهد نفسه وجد العاقبة الحميدة ، حمد العاقبة وربح في الدنيا والآخرة ، ومن أضاع وأهمل ندم العاقبة .
فالواجب الحذر ، وأن تحاسب نفسك في ليلك ونهارك : ماذا فعلت !؟ ما الذي قصرت فيه !؟ حتى تعرف مالك وما عليك .
واحذر صحبة الأشرار الذين يثبطونك عن الخير ويعينونك على الشر ، وعليك بصحبة الأخيار الذين إن ذكرت أعانوك ، وإن نسيت ذكروك بالخير وجاهدوا معك ، وصبروك وأعانوك وشجعوك على الخير .
عليك بصحبة الأخيار ، فالمرء على دين جليسه ، وعلى دين خليله ، فاحرص على صحبة الأخيار الطيبين ، الذين يعينونك على الخير ، ويذكرونك إذا نسيت، ويشجعونك إذا كسلت .
عليك بصحبة الأخيار ، واحذر صحبة الأشرار ، الذين يثبطونك عن الحق ويجرونك إلى الباطل .
احذر صحبتهم . فالمؤمن على حسب حاله ، إن نصح لله ولعباده وصحب الأخيار سعد غاية السعادة ، وإن فرط وأضاع ندم غاية الندامة ، فأنت - يا عبد الله - تخلّق بأخلاق المؤمنين والزمها .
[ وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللهُ إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ] . [ التوبة : 71 ] .
ويقول - صلى الله عليه وسلم - : ( كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى ، قيل : يا رسول الله ! من يأبى !؟ قال : من أطاعني دخل الجنة ، ومن عصاني فقد أبى ) ، من أطاع الله ورسوله دخل الجنة وفاز بالسعادة ، ومن عصى الله ورسوله فقد أبى وتعرض لغضب الله وعقابه .
فالواجب الحذر ، والواجب جهاد النفس ، قال تعالى : ( وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ ) . [ العنكبوت : 69 ] ، وقال سبحانه: ( وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ ) . [ محمد : 31 ] .
فلابد من المجاهدة ، ولا بد من الصبر ، قال تعالى : ( وَمَنْ جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ إِنَّ اللهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ ) .
[ العنكبوت : 6 ] .
جاهد نفسك لعلك تنجو ، فأنت في خطر ، هذه الدار دار خطر ، دار الغرور ، دار الفتنة . ( وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلا مَتَاعُ الْغُرُورِ ) . [ آل عمران : 185 ] .
( إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ ) . [ التغابن : 15 ] .

أنت في دار الغرور ، دار الفتن ، دار الشهوات ، دار الإغراء بما حرم الله ، فعليك بالحذر ما دمت في هذه الدار ، جاهد نفسك ، واصبر على طاعة ربك ، واحذر عصيانه ، والزم الأخيار ، واحذر الأشرار ، هذا هو طريق السعادة.
هذا هو طريق النجاة . هذا هو سبيل الخير ، يقول النبي - صلى الله عليه وسلم - : ( من يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين ) ، فعليك بالتعلم ، تفقه في الدين وتبصر ."
من محاضرة بعنوان : (أسباب الثبات أمام الفتن)

عندما ينحرف الدعاة ..تحت تحت وابل المغريات !
بقلم الشيخ جمال الدين شبيب
يحب الله تعالى أن يجعل للمؤمن قضية تقربه من آخرته ، وتحول بينه وبين الضياع في عبث الدنيا والاستغراق في متاعها وزينتها . فالقضية الكبرى في حياة الإنسان تبقى راسخة في وجدانه ، وتقرع سمعه بقوة وهو ينصت لكلام ربه الديان : " كل نفس ذائقة الموت فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز ، وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور".
يريد الله لنا أن نعي الحقائق الكونية وندرك مآلات الأشياء..فالأنفس مآلها الى الموت والفناء ..والقضية الأساس كيف يزحزح الإنسان عن النار ليدخل الجنة..فالدنيا كلها بنعيمها وشهواتها وملذاتها لا تساوي شيئاً . أمام الحقائق والمواقيت التي لا تتخلف..
وأبناء الحركة الإسلامية طليعة الأمة مطالبون بالكثير أليست حسنات الأبرار سيئات المقربين ..؟؟ فإذا لم يعٍ أبناء الإسلام العظيم هذه القضية في وجدانهم وسلوكهم ونهج حياتهم فمن يعيشها..؟
وعندما يجعل الله لك هدفاً في حياتك تعيشه وتجتهد لتحصيله ، فالله يضعك على الجادة والمحجة البيضاء – كما أخبرالرسول الأكرم (ص) :" تركتكم على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك."
قد يخطىء بعض المسلمين في معرفة قضيته بالأساس ، فينصرف عن طريق الدعوة ليدخل سبيلاً مالياً أو شهوانياً أو سلطوياً مضلاً..لكن الأخطر أن تنحرف الجماعة عن الجادة لضغوطات مرحلية أو استدراجات ومرغبات آنية يظنها البعض سياسة شرعية أو تذاكياً غير مسبوق ..وعندما تضيع القضية وتضطرب البوصلة فما أسهل توالى درجات الإنحراف..
لذلك يجب أن تبقى القضية حية وشاخصة للأبصار كيف أزحزح عن النار فأُدخل الجنة أنا وإخواني ودعوتي..
والإسلام يحذرنا من النظرة القاصرة للأمور ..عندما يبين لنا غائية الحياة " أيحسب الإنسان أن يترك سدى " .. فالنظرة العابثة للحياة تجعل من الإنسان كلاً على شهواته ، انتهازياً يبني حياته على أساس من المصالح الذاتية والشخصية ..همه الأوحد مصالحه ومنافعه ..يحققها على حساب دينه وقيمه..
ولقد رأينا من الناس من يتطاول في الكسب المادي وينحاز الى طواغيت المال والسلطة بل ويسعى جاهداً لدفع إخوانه ودعوته باتجاه التبعية وتحقيق مصالح شركائه ولو كان في ذلك انحراف غير مبرر لخط أصيل حقق ما حققه بإخلاص أتباعه وجهادهم المبني على الحقيقة والقضية الكبرى " فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز.." .وكيف يزحزح إنسان عن النار إن كان ممن يسعى في طريقها على أربع..؟!
النظرة التجارية والمصلحية القاصرة لا يجوز أن تنحرف بالمؤمن أو الجماعة المؤمنة بحيث تصبح الأفكار والإلتزام الديني مجرد سلعة تجارية يساوم عليه لتحقيق مكاسب آنية عاجلة على حساب المصلحة الإسلامية العليا ومثوبتها الدنيوية والأخروية الآجلة.
عندما يساوم المسلم على دينه، او يتنازل ابن الدعوة عن دعوته ويبيعها مقابل ثمن قليل أو كثير من من المنافع والمكاسب .. يسقط الى درك النفاق بل الى الدرك الأسفل من النار يوم القيامة ..لإن دين الله ليس سلعة للمساومة أو البيع والمبادلة..
وقد وصف القرآن الكريم الذين يعيشون لشهواتهم وأغراضهم الخاصة بالكفر والحيوانية وشبههم بالأنعام السائمة التي تعيش للقمة بطنها ومآواها إلى النار.." والذين كفروا يتمتعون ويأكلون كما تأكل الأنعام والنار مثوى لهم"..
ومهما كانت المغريات على المؤمنين أفراداً وجماعات أن يكونوا على ثقة من عودة الإسلام إلى سدة القيادة وأن المسلمون قادمةن لحكم وتوجيه البشرية باتجاه الأسلمة السياسية والتشريعية .. فالبشرية القلقة تواقة اليوم إلى من يقودها نحو الحرية بالإسلام .. فلا يتنكب أهل الإسلام عن النهوض بهذا الواجب تحت ضغط من المغريات أو وعود كاذبة من الجاهليات..بل يجب على المؤمنين وأبناء الدعوة أن يقرنوا الإمل الواعد بالعمل الماجد، ولا يسأموا الانتظار ويخشوا أن يفوتهم قطار الدنيا فيستعجلوا الثمار الكاذبة على الحصاد الدنيوي والأخروي الناجز..
إن واجبنا وتكليفنا الشرعي بالأساس هو توثيق إخوتنا ورابطتنا في الله وجهادنا فيه للتعجيل الفعلي بقدوم ذلك الفجر الإسلامي الباسم " ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين.