السبت، 2 مارس 2013

الاختلاف موجود .. لكن صيدا عصيّة على الفتنة





بقلم / الشيخ جمال الدين شبيب

إن الاختلاف بين الناس يقع في كثير من جوانب الحياة ونظمها؛ بسبب التنوع في الأفكار وأساليب التربية وعادات المجتمعات، وكذلك الاختلاف في الرؤى والاتجاهات والميول والآراء، وعدم وضوح الرؤية للموضوع من كل جوانبه، فالكل يدرك الموضوع من الزاوية التي ينظر إليها، وربما ينظر أحدهم من زاويتين أو أكثر، وربما ينظر من هو أوسعهم رؤية للموضوع من جميع زواياه. وما أحسن من قال: "إن الحقّ لم يُصبه الناس من كل وجوهه، ولم يخطئوه من كل وجوهه، بل أصاب بعضهم جهة منه، وأصاب آخرون جهة أخرى".

في صيدا اليوم بل في لبنان خلاف سياسي حاد يلبس لبوس الدين أو المذهب وإن كانت حقيقته لا تتعدى المصالح الشخصية والمكاسب السياسية. ووإننا وإن كنا لا نتصور بحال من الأحوال أن يكون أبناء الوطن على رأي واحد؛ لأنه لا يصحّ لأحد أن يصادم طبيعة البشر ( ولا يزالون مختلفين ) الرأي موجود والرأي الآخر موجود ولكن عندما يقود الاختلاف إلى تدمير الهيكل بمن فيه تلكم هي الفتنة والمصيبة الكبرى..

وعندما لا يضبط البعض انفعالاته ويغالي في مواقفه ويندفع بغرائزية قاتلة شحناً وتحريضاً وتحريشاً بين المسلمين بدل أن يستثمر سُنّة الاختلاف في تلاقح الأفكار، وتبادل المعلومات، وفضّ النزاعات، وتطوير مستوى الأداء بالتعرف على الرؤى المختلفة، واستخدام ذلك في إثراء المواقف والتعاون والتساند والتآزر والتكامل من أجل مصلحة الوطن الجامعة .. ندخل جميعاً في النفق المظلم ونعيش الدوامة المقلقة في كل صباح ومساء ونرى ما نحن عليه اليوم من ضنك وهمّ وتنازع وفرقة لا تخدم إلا عدونا الاسرائيلي المتربص بنا..

الصحابة رضوان الله عليهم جميعًا اختلفوا والرسول- صلى الله عليه وسلم- بينهم، لكن كان هناك أدب لاتسفيه ولا تكفير ولا تنفير .. فعَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَنَا لَمَّا رَجَعَ مِنَ الأَحْزَابِ: "لاَ يُصَلِّيَنَّ أَحَدٌ العَصْرَ إِلا فِي بَنِي قُرَيْظَةَ"، فَأَدْرَكَ بَعْضَهُمُ العَصْرُ فِي الطَّرِيقِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: لاَ نُصَلِّي حَتَّى نَأْتِيَهَا، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: بَلْ نُصَلِّي، لَمْ يُرَدْ مِنَّا ذَلِكَ، فَذُكِرَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمْ يُعَنِّفْ وَاحِدًا مِنْهُمْ.

وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: "سمعت رجلاً قرأ آية سمعت النبي- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقرأ خلافها فأخذت بيده فانطلقت به إلى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فذكرت ذلك له فعرفت في وجهه الكراهية، وقال: "كِلاكُمَا مُحْسِن ولا تختلفوا فإنَّ من كان قَبْلَكُم اخْتَلَفُوا فَهَلَكُوا"،

والخلاف في أركان الوضوء قام على أساس تفسير حرف الباء في قوله تعالى: (وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ) (المائدة: 6)، كما وقع الاختلاف في صفة الأذان والإقامة والاستفتاح وصلاة الخوف وتكبيرات العيد.

والخلاف في صلح الحديبية حصل وجاء ليُرسِّخ حق الفرد في إعلان رأيه والدفاع عنه في حُريَّة كاملة وأمنٍ تام، وكانت وصيته الخالدة- صلى الله وعليه وسلم- لمعاذ بن جبل وأبي موسى الأشعري- رضي الله عنهما- ولنا جميعًا من بعدهما "بَشِّرا ولا تُنَفِّرَا.. يَسِّرا ولا تُعَسِّرا.. تطاوعا ولا تختلفا".

لا بد أن تكون هناك مُسَلَّمات بين المختلفين يجب أن يُقِرُّوا بها، وتكون حدًّا فاصلاً لا يَصِحُّ تجاوزه، ومنها على سبيل المثال لا الحصر:

• أن لا نقبل بأن تكون لنا مرجعية في كل ما نهب إليه رأي غير المرجعية الإسلامية.. (ومَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِن شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إلَى اللَّهِ) (الشورى: 10)، فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا) (النساء: 59). (فَلا ورَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ ويُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) (النساء : 65). هذه أصول وقواعد، وعليها تُبْنَى كل الأحكام الفرعية والاجتهادات وتحل كافة المنازعات ...

• إن التدين يجب أن يحفظ للدين نَقاءه وصفاءه ووسَطِيَّته، وعلى كل متديّن أن يستوعب كل المذاهب الفقهية ويسير وفقاً لتعاليم الإسلام ومنهجه المعتدل المتوازن..

• على كل المختلفين أن يدركوا أن حب الوطن من الإيمان، وأن مصلحته تعلو على كل المصالح، وعلينا جميعاًأن نُضَحِّي في سبيله بمصالحنا الشخصية، ونذود عن وحدة بنيه وسلمه الأهلي بأرواحنا وأموالنا.

• أنّ الشعب اللبناني وصيدا جزء منه وأهلها مكوّن أساسي من مكوناته ..هو شعب عظيم حُرّ رشيد، وأهل وصيدا التي طردت المحتل الاسرائيلي وأذلته لا يصح لأحد أن يفرض نفسه عليها بالقوة والترهيب أو يتحدث باسمها وكأنها قاصرة لا رأي لها ولا موقف لعقلائها دون أن يفوضه في ذلك أحد.

إن الاختلاف داء به هلكت الأمم السابقة، وقد حذَّر النبي- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أمته منه أشد التحذير، فعن أبي هريرة- رضي الله عنه- عن النبي- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: "دَعُونِي مَا تَرَكْتُكُمْ، إِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِسُؤَالِهِمْ وَاخْتِلاَفِهِمْ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ، فَإِذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَيْءٍ فَاجْتَنِبُوهُ، وَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ".

يا أهنا يا أحبابنا علينا أن نحرص جميعًا على وحدة المدينة والوطن وأهل السنة والجماعة يجب أن يكونوا صمام أمان في هذا الوطن لا صاعق تفجير لفتنة لا تبقي ولا تذر..، ورسول الله- صلى الله عليه وسلم- مدحه ربه فقال (عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ) (التوبة: 128) فأين الرحمة والحرص على جماعة المؤمنين فيما نراه من وقائع وتحريض وشحن وتهديد ووعيد.

إننا لا ننفي وقوع الاختلاف في الرأي وهو أمر طبيعي ، وإنما نُحذِّر من الخلاف الذي يؤدي إلى تفريق أبناء المدينة الواحدة والوطن الواحد ، عبر إيقاع الخصومة والعداوة والتنازع فيما بينهم، وبدلاً من أن ننصرف إلى العمل والبناء والارتقاء، ومواجهة العدو المتربص بنا جميعاً .. يشغلنا شياطين الإنس والجن بعداوات مفتعلة يستجلبون من خلالها الفتن والنزاعات التي لا تجرعلى صيدا ولبنان إلا الويلات ..

وصدق الله العظيم ..(وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَلا نَبِيٍّ إلا إذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) (الحج: 52).







البعد الاجتماعي في الإسلام



بقلم / الشيخ جمال الدين شبيب

إن من طبيعة المشروع الإسلامي أنّه قبل كلّ شيء مشروع تربوي مجتمعي، قبل أن يكون مشروعا سلطويا، هو مشروع تربوي يتّجه إلى النّفوس وإلى العلاقات لإصلاحها من طريق الإقناع والحضور الإلهي والقدوة الحسنة، وتوفير حاجات الناس الأساسية وتوفير المناخات النّظيفة المعينة على الصلاح.

وعندما رأينا الحكم الإسلامي في صورته الناصعة في العهد النّبوي والرّاشدي لم نر الأيدي والأرجل مكدّسة، ولا أسواط الجلاّدين، ولا المشانق منتصبة في كل حي بالمدينة، بل كادت وظيفة التقاضي تختفي لانعدام الحاجة إليها.

حتى أنّ حوادث إقامة الحدود القليلة جدّا إنّما كانت بطلب ملحّ متكرر من الواقعين فيها ابتغاء التطهّر الذاتي، كما حدث مع الصحابيين ماعز والغامدية، التي أثنى النّبي عليه السلام عليها فقال "قد تابت توبة لو وزّعت على أهل المدينة لوسعتهم"،

ولو تأملنا قليلاً في آيات القرآن الكريم سنجد -غالباً- ذكر الإيمان مقترنا بالعمل الصّالح، وكذلك الأمر في عموم السنّة. إقرأ مثلا سورة الهمزة، وسورة الماعون حيث يأتي تعريف الدّين تعريفا اجتماعياً، فالمكذّب بالدّين ليس هو من لا يؤمن بالله واليوم الآخر فقط كما هو التعريف العقدي الكلامي، وإنّما هو أيضا من يحتقر اليتيم ولا يبالي بالمسكين ويمتنع عن بذل العون للمحتاج، فلا تنفعه إذن صلاة يرائي بها.

إن التركيز على البعد التربوي والاجتماعي للإسلام أمر ضروري ونحن نرى اليوم توجهاً شاملاً للعودة إلى الحكم الإسلامي في أكثر من قطر مشرقي ومغربي.

هذا البعد الاجتماعي للإسلام هو الذي بدأت الحرب عليه ميكرة صبيحة وفاة صاحب الدّعوة عليه السلام، إذ اندلعت الردّة في عموم قبائل العرب ليست عودة إلى عبادة الأصنام أو حتى رفضا للجانب الروحي الفردي من الإسلام الذي ترمز إليه الصلاة. وإنّما كانت في بعض مناحيها رفضا للبعد المجتمعي ممثلا في نظام الدولة الاجتماعي وواجبها في جباية الزّكاة.

وهذا ما أوقع العديد من الصحابة في الحيرة والاضطراب اعتراضاً على الخليفة الصدّيق الذي قرّر شنّ حرب لا هوادة فيها ضدّ هذا النّكوص ، معلنا أنّه سيقاتل كلّ من أقدم على تشطير الإسلام وتجزئته - مستمسكا بجانب فردي روحي من الإسلام- رافضا قرينه ولازمه الاجتماعي السياسي الاقتصادي، فكانت أوّل حرب في التّاريخ تشنّ دفاعا عن حق الفقراء...

فهل يستفيد الإسلاميون اليوم في طريقهم للحكم من هذا الدرس البليغ فينطلقوا إلى الاستماع الجاد لوجع الناس وآلامهم والعمل على تحسين الظروف الاجتماعية والاقتصادية... الطريق صعب لكن سلوكه ليس مستحيلاً؟





الإخوان المسلمون .. وتحديات المرحلة



بقلم / الشيخ جمال الدين شبيب

الإخوان المسلمون كبرى الحركات الإسلامية في البلاد العربية والعالم الإسلامي ، تصف نفسها بأنها "إصلاحية شاملة". وتعتبر أكبر حركة معارضة سياسية في كثير من الدول العربية، أسسها حسن البنا في مصر في مارس عام 1928م كحركة إسلامية وسرعان ما انتشر فكر هذه الجماعة، فنشأت جماعات أخرى تحمل فكر الإخوان في العديد من الدول، ووصلت الآن إلى 72 دولة تضم كل الدول العربية ودولاً إسلامية وغير إسلامية في القارات الست.

ولطالما مثّّل سقوط نظام " مبارك " صاحب العلاقات الوثيقة مع الولايات المتحدة الأميركية المعادية لإيران ووصول الإخوان المسلمين إلى حكم مصر بل وحكم أكثر من بلد عربي مشرقاً ومغرباً فرصة لنسج علاقة جديدة بين القوة السنية الصاعدة إلى الحكمم وبين الجمهورية الإسرمية الإيرانية على الرغم من وجود بعض التعارض المذهبي والسياسي بين الثورة الإسلامية وإخوان مصر.

وسرعان ما رحبت طهران بحكم الإخوان المسلمين لمصر، وتصوّر بعض القادة الإيرانيين أن انتخاب محمد مرسي رئيسًا لمصر انتصار للصحوة الإسلامية التي أطلقتها الثورة الإسلامية الإيرانية قبل أكثر من ثلاثة عقود.

لكن هذا التفاؤل الإيراني سرعان ما تبدد، بسبب الكثير من الوقائع والتطورات المستجدة التي أخذت تؤثر على السعي الإيراني للتقارب من القاهرة، وخاصة فيما يتعلق بانحيازهم إلى النموذج التركي في الحكم وابتعادهم ورفضهم للنموذج الإيراني أضف إلى ذلك اختلاف موقف البلدين الحاد من تطورات الأوضاع في سوريا، فضلاً عن سعي إخوان مصر للتقرب من المملكة العربية السعودية وقطر هو ما يؤرق لطهران.

الاخوان وتحدي نموذج الحكم

وهذا ما بدا واضحاً في كلام الدكتور محمد سعد الكتاتني عضو مكتب الإرشاد بجماعة الإخوان المسلمين والمتحدث الإعلامي باسم الجماعة وأول رئيس لمجلس الشعب المنتخب بعد الثورة أمام وسائل الإعلام عندما أكد رفض الإخوان للنموذج الإيراني في قيادة الدولة ، مؤكدًا أن الجماعة هي واحدة ممن ينادي بالدولة المدنية بمعنى أن الشعب والأمة هم مصدر السلطات، ومن ثَمَّ يستطيع الشعب أن ينتخب رئيسه ويتمكن من محاسبته، موضحًا أن الإخوان ينادون إلى دولةٍ مدنيةٍ تعمل بمبادئ الشريعة الإسلامية التي تعدُّ في الأساس مبادئ تصلح للدنيا بأكملها لأنها داعمة لكل الحقوق والحريات.

فأي نموذج اختاروا ..؟ من مفارقات القدر أن النموذج التركي أصبح هو الحلم الذي يداعب خيال جماعة الإخوان المسلمين ويلهب قريحة الباحثين. محاولين الاقتداء بنهج حزب العدالة والتنمية التركي الذي يعد حزباً تعددياً يتشكل من فصائل متنوعة تجمع بين التوجهات الليبرالية والمحافظة والمعتدلة . ولكن حتى الآن لم يستطع إخوان مصرالخروج من النفق واستيعاب التيارات والقوى الوطنية المصرية المخالفة لهم ..ولعل هذا ما يقودهم نحو تحدٍ آخر.

والمطلوب احترام خصوصية تجربة كل نموذج والاستفادة من خبرات الجميع بما يعزز بناء مصر كدولة إسلامية قوية مهابة الجانب تسعى لتأمين القدرات الإنمائية والاجتماعية لأبنائها وتلتزم موقفاً سياسياً واضحاً من أعداء الأمة الغاصبين لمقدساتها لا تشوبه " تقيّ" ولا تمييع..

تحدي فهم الآخر واستيعابه

من يراقب اللحظة الراهنة التي تعيشها مصر الآن يرى أنها تتسم بدرجة عالية من الاستقطاب غير المسبوق في الحياة السياسية المصرية، حيث انشطر المجتمع المصري إلى قسمين: احدهما يؤيد الرئيس الإخواني محمد مرسي والآخر يعارضه، ويضم الفريق المؤيد جماعة الإخوان والتيارات الإسلامية الموالية لها والمتفقة معها في مشروعها الاسلامي كالتيارات السلفية والجماعة الإسلامية المصرية ، في حين يضم الفريق المعارض القوى المدنية من كل التيارات السياسية والتوجهات، وهي تدفع نحو اختيار الدولة المدنية الديمقراطية الحديثة ولا تعارض القوى المدنية في مشروعها وموقفها المعارض للرئيس وجماعته، الشعار الاسلامي ولا تعارض الشريعة الإسلامية باعتبارها المصدر الرئيسي للتشريع بل تتمسك القوى المدنية بثوابت الدولة المدنية الحديثة القائمة على المواطنة والحرية والديمقراطية معترفة بأن قيم المجتمع المصري هي قيم إسلامية. كيف تعامل الإخوان مع هذا التحدي؟

خاض الإخوان معركة الاستفتاء على الدستور وكسبوا الجولة بأكثر من 64 % من اصوات الناخبين وخاضوا معركة تمرّد القضاء وتلطي" فلول مبارك " خلف بعض الشخصيات السياسية كعمرو موسى والبرادعي وحامدين صباحي ..لكن هذا الأمر أوجد شرخاً عميقاً في المجتمع المصري. استطاعوا أن يحققوا الكثير لكن في مجال فهم واستيعاب المخالفين ربما لم يستطيعوا تقديم شيء سوى المنازلة والاحتكام إلى الشارع تارة وصناديق الاقتراع وكسبوا الانتخابات وعداء قطاعات عديدة مخالفة لهم من الشعب المصري اياً كان حجمها.

والمطلوب شيء من سعة الصدر السياسية التي يمكن من خلالها استيعاب المعارضة المصرية وإشراكها في الحياة السياسية ..

تحدي الاقتصاد المأزوم

إن الأزمة الاقتصادية المفتعلة أو الحقيقية، ومنع حل المشكلة الاقتصادية كان جزءًا ولا يزال من تطويع الإرادة المصرية تجاه إسرائيل، وهذا هو السبب الحقيقي في الضغوط الأمريكية لمنع مصر من حل أزمتها الاقتصادية، وبديهي أن مصر تختلف عن تونس، لأن مصر هي القوة العربية الكبرى أولًا، ثم هي دولة مواجهة وعلى حدود إسرائيل من ناحية ثانية.

ومنذ جاء الإخوان إلى الحكم في مصر وبوادر الحرب الاقتصادية على اقتصاد مصر تتراكم يوماً بعد يوم. ورغم محاولات الحكومة المصرية تسويق خطة اقتصادية استثمارية على 3 مراحل، الأولى بضخ نحو 45 مليار دولار لتشغيل المصانع المتوقفة بسبب الأزمة المالية الراهنة، والمرحلة الثانية سيتم فيها إنشاء شركات ومصانع جديدة فى منطقتى التجمع الخامس والسادس من أكتوبر، بينما تهدف الثالثة إلى توظيف أكثر من250 ألف شاب كل عامين، وستكون الأولوية للحاصلين على مؤهلات المعاهد الفنية والصناعية، لكن سرعان ما بدأ اللعب بالبورصة والدفع بالجنيه المصري للإنخفاض في مقابل الدولار في ظل شح المال الخليجي إن لم نقل انقطاعه.

والمطلوب مصارحة الشعب المصري ووضع كافة القوى أمام مسؤولياتها الوطنية والاستفادة من طاقاتها وإشراكها في معالجة الأوضاع الاقتصادية ونسج شبكة أمان مالية محلية من التمولين والمستثمرين المؤمنين بالمنهج الاقتصادي الاسلامي . وبين الدول الإسلامية القابلة سياسياً والقادرة اقتصادياً على تعويم الاقتصاد المصري فبل حلول الكارثة.

تحدي استعادة الدور المصري المفقود بعد كامب ديفيد

مصر المحروسة هي بوابة العرب وقوتهم من قوتها، ولها تأثير كبير في رسم السياسة العربية والعرب خسروا كثيراً عندما غاب الدور المصري نتيجة توقيع الرئيس المصري الراحل أنور السادات اتفاقية السلام مع “إسرائيل” إذ منذ توقيع تلك الاتفاقية شهد النظام العربي تدهوراً مستمراً نتيجة خروج مصر من الساحة العربية.

وبإزاء التركة الثقيلة التي ورثها الإخوان وفي مقدمها اتفاقية كامب ديفيد مع كيان العدو الصهيوني برز تضارب واضح في موقف الإخوان تجاه هذه الاتفاقية والموقف الأميركي الداعم لها حيث أكدت فيكتوريا نولاند المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية ان جماعة الاخوان المسلمين قدمت تأكيدات واضحة بأنها تؤيد معاهدة كامب ديفيد للسلام مع إسرائيل‏.‏

وقالت نولاند في رد علي سؤال حول امكانية عدم اعتراف الاحزاب الإسلامية في مصر بمعاهدة كامب ديفيد لقد اعطونا تعهدا واضحا بتأييد المعاهدة, وأكدت لدينا تطمينات جيدة بشأن تلك القضايا وسنستمر في التأكد من الاهتمام بتلك الأمور في مصر.

فيما علي الجانب الآخر, نفي القيادي بجماعة الاخوان المسلمين في مصر ابراهيم منير المتحدث باسم الاخوان في أوروبا ان تكون الجماعة اعطت اي ضمانات لواشنطن بشأن احترام اتفاقية كامب ديفيد مع الكيان الإسرائيلي علي حد قوله.

لكن الأستاذ محمد مهدي عاكف المرشد العام السابق للجماعة يوضح موقفها: «هذه المسألة ثابت من ثوابت الجماعة وليست محل جدل أو نقاش»، مشيراً إلى أن «إسرائيل في نظر الجماعة مجرد كيان صهيوني مغتصب لأراضينا العربية والإسلامية المقدسة، قام علي (الجماجم) والدماء، وسنعمل على إزالته مهما طال الزمن»

لكن الأمر بعد قيام ثورة 25 يناير في مصر بات يشوبه شيء من الالتباس بعد بروز أصوات إخوانية ترى أن اتفاقية كامب ديفيد لا تراجع عنها وان كان من الممكن تعديل بعض البنود فيها، وهذا مايبدو واضحاً كرساله لإسرائيل وللقوى الدوليه بأنهم – أي الإخوان لنم يأتوا إلى الحكم لدمار الدوله العبريه كما هو مشهور عن الإسلاميين عامة.

والمطلوب العودة والالتزام عملياً بما قاله المرشد السابق محمد مهدي عاكف، وقد شارك الاخوان منذ البدايه في حرب فلسطين ضد إنشاء الدوله العبريه، مما كان له أكبر الأثر في اضطهاد الجماعه تاريخياً بسبب بلائهم الحسن في هذه المعارك، وكان له أكبر الأثر في تاريخ الجماعه أيضاً وأدبياتها حيث تبنت قضية فلسطين تماماً في الأناشيد والفكر واستراتيجية التوجه الفكري العام،

ومن الجدير بالذكر أن حركة حماس تتبع فكر الجماعه في كل شيء تقريباً، وتعتبر فرع الجماعه في فلسطين، ومواقفها العامه من كل القضايا تنبع مباشرة من رؤية الاخوان المسلمين العامه لكافة القضايا.

تحدي العلاقات مع الدول الخليجية

تتمتع حركة الإخوان بتأييد كبير في الاوساط الشعبية الخليجية ولكن على الرغم من اتباع الاخوان المسلمين على وجه الخصوص، سياسة ضبط النفس، وتجنب اي صدام مع السلطات في بلدان الخليج. لكن الدول الخليجية تشعر بالقلق من سيطرة الاخوان على مصر وتونس وليبيا والسودان ومحاولتهم للسيطرة على الاردن واليمن وسورية، مما يجعل هذه الدول محاصرة وبالتالي مهددة بالسقوط في ايدي المحور الاخواني الجديد، تطبيقا لنظرية 'الدومينو' السياسية.

ومن يتابع الاعلام الخليجي اليوم، والسعودي منه على وجه الخصوص، يلمس وجود حملة شرسة ضد حركة الاخوان المسلمين، والتيارات الاسلامية بشكل عام. هذه الحملة على الاخوان، وربما التيارات السلفية لاحقا، تشكل نقضا لتحالف تاريخي بين الانظمة الخليجية المحافظة وهؤلاء، وهو التحالف الذي ادى الى استقرار هذه الانظمة، ومحاربة كل الافكار اليسارية والقومية التي كانت تشكل تهديدا لهذا الاستقرار في نظر الحكام.

وإذا كان الإخوان يراعون الموقف الخليجي فلا يبادرون إلى تعزيز علاقاتهم بإيران ومحورها بل ينازلونها في سوريا ما يجعل علاقاتهم معها أكثر تعقيداً . فإن الخليجيين لا يبدون أية حماسة لنجاحالإخوان في قيادة مصر نحو استعادة دورها الطليعي في المنطقة.بل يناصبونها العداء والضغط الاقتصادي والسياسي دون إعلان ..

والمطلوب مواجهة السعار الإعلامي بالعقل والروية وترشيد الأمور وتعزيز العلاقات على قاعدة الموازنة بين القوى الخليجية عرباً وعجماً على قاعدة الخروج من دائرة الاستخدام إلى دائرة خدمة المشروع الإسلامي العام بخطوطه الرئيسية دون الخوض في خصوصيات الدول وتناقض أدواتها السياسية.

التحدي المذهبي

لطالما نادى الإخوان في أدبياتهم بوحدة الأمة الإسلامية وضرورة التعاون بين المسلمين على اختلاف مذاهبهم لكن الصراعات السياسية أرخت بظلالها المذهبية على موقف الإخوان مما اعتبروه تمدداً شيعياً على حساب الأكثرية السنية في العالم الإسلامي.

ولطالما مثلت ساحات الصراع الساخنة في سوريا أو البحرين أو العراق وحتى في المنطقة الشرقية من السعودية سبباُ للخلاف السياسي المستحكم.

وتتفاوت الحدة في التناقض وارتفاع منسوب المصراع المذهبي بين الإخوان وإيران بحسب الأقطار ففي سوريا التي يخوض فيها الإخوان صراعاً دموياً مع نظام الرئيس الأسد حليف إيران يعلن إخوانه على لسان المرشد " الشقفة" أنهم سيكسرون ظهر الهلال الشيعي..فيما إخوان مصر يحاولون مد جسور التعاون " الحذر" مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية في محاولة للخروج من نفق الفتنة المظلم المطل على عالمنا العربي..

وهذا التحدي المذهبي يكاد يكون الأخطر إذ يمكن اعتباره قنبلة تدميرية موقوتة تهدد العالم الإسلامي لا مناطق النزاع فحسب. والمطلوب العودة إلى الجذور واستقرائها والسعي إلى إعادة صياغة العلاقات مع القوة الإسلامية الشيعية الأكبر " الجمهورية الإسلامية الإيرانية" وفقاً للأسس الإسلامية الراسخة حتى لو تباينت القراءات السياسية والدفع باتجاه رأب الصدع وتحديد الأولويات وتوجيه الصراع باتجاه أعداء الأمة بدل الغرق في مستنقع الدويلات الطائفية المتناحرة.



أصحاب القلوب السليمة



بقلم / الشيخ جمال الدين شبيب

قال تعالى حكاية عن نبيه إبراهيم عليه السلام: ( ولا تخزني يوم يبعثون، يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم ) لم يقل أتى الله بعلم أو أتى الله بعمل، وإنما أتى الله بقلب سليم.

فما هو القلب السليم ؟ يقول سيد التابعين سعيد بن المسيب رحمه الله: "القلب السليم هو القلب الصحيح، وهو قلب المومن، لأن قلب الكافر والمنافق مريض، قال تعالى في وصف المنافقين: {في قلوبهم مرض} سورة البقرة الآية 10" .

فأصحاب القلوب السليمة لا تخشى إلا الله، لا تخاف أن تَصدع بالحق في وجه الظالمين وعند السلطان الجائر كما جاء في الحديث، لأنها لا تخاف في الله لومة لائم كما ورد في كتاب الله، ويذكر ابن تيمية رحمه الله كلاما مهما يجب أن نقف عنده ونتأمله جيدا يقول: "إذا كانت في القلب معرفة وإرادة -العلم و حده لا يكفي لابد من العلم و الإرادة- سرى ذلك إلى البدن بالضرورة، فلا يمكن أن يتخلف البدن عما يريده القلب" .

وسئل أبو القاسم الحكيم عن القلب السليم فقال: "له ثلاث علامات:

أولاها أن لا يؤذي أحداً، والثانية أن لا يتأذى من أحد (بمعنى أنه يصبر على الأذى ويتحمله ولا يراه شيئاً)، والثالثة إذا اصطنع مع أحد معروفاً لم يتوقع منه المكافأة (لأنه يتطلع إلى مكافأة الخالق لا غير)، قالوا: فإذا هو لم يؤذ أحداً فقد جاء بالورع، وإذا هو لم يتأذ من أحد فقد جاء بالوفاء، وإذا لم يتوقع المكافأة من المخلوق فقد جاء بالإخلاص.

وتبدو هذه المعاني حاضرة متجلية في حديث رسول الله صلى الله عليه و سلم لما سئل أي الناس أفضل فقال:" "كل مخموم القلب صدوق اللسان، قالوا صدوق اللسان نعرفه، فما مخموم القلب؟ قال: هو التقي النقي لا إثم فيه ولا بغي ولا غل ولا حسد" رواه الألباني رحمه الله في السلسلة الصحيحة..

وسئل محمد بن سيرين عن القلب السليم فقال: "الناصح لله عز و جل في خلقه" . فالدين النصيحة كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم. وقال سيدنا علي كرم الله وجهه ورضي عنه: المؤمنون بعضهم لبعض نصحاء وادُّون وإن افترقت منازلهم، والفجرة بعضهم لبعض غششة، خونة، وإن اجتمعت أبدانهم" . والقلب السليم كما تبينه السنة المطهرة هو "قلب المؤمن الذي يحسن الظن بربه، يرجو رحمته ويخاف عذابه، يحبه ويحب رسوله، لا يتجسس على المسلمين، ولا يحسد، ولا يغتاب، ولا ينم. همه الله عز وجل، وجهده منصرف لبناء جماعة الجهاد ودعمها.

وأمتنا اليوم ما أشد حاجتها إلى أمثال هؤلاء الرجال ليعيدوا لها عزتها و مجدها، لتعود لها الإمامة والريادة في شتى الميادين. فإنما يقوم بالجهاد أصحاب القلوب السليمة التي تأتي الله عز وجل وليس لها من هم إلا الله سبحانه وتعالى، هذه القلوب وحدها التي يمكن أن تقوم بواجبات الجهاد لإعلاء كلمة الله وتحمل تبعاته.

أما أصحاب القلوب المريضة فلا يمكنهم أن يقوموا بحمل أعباء النهوض بأمة الإسلام لأن هممهم لا تكون إلا في خدمة شهواتهم وأهدافهم الشخصية وأعمالهم لا ترقى لأن تكون جهادا في سبيل الله.

ونرى في الساحة اليوم كثيرا ممن يدَّعون الإسلام ويزعمون خدمة الإسلام فيقولون ما لا يفعلون وينطقون بما لا يعتقدون، "فهم أيضا يريدون أن يقيموا الإسلام وأن يقيموا دين الله، لكن بما أن في قلوبهم مرضا فإن تحركهم هذا لن يكون على الإسلام، ولن يكون عملا جهاديا، حتى لو سَمُّوا جماعاتهم جماعات مسلمة أو أحزابا إسلامية أو ما إلى ذلك.. .

وبعد .. الكلام كثير والعمل قليل... جعجعة ولا طحن... عزف بلا طرب... ألاَ ما أَسْهَل الكلام وأَشَقَّ العمل... هذه هي سنة الله في كونه: بغير جهد البشر لا انتصار، وأنا وأنت من بأيدينا أن نقرب نصرنا أو نباعده... أن ننسج خيوط فجرنا أو نبدده.

نسب عائلة شبيب



العشي شبيب  من الأسر الإسلامية البيروتية واللبنانية والعربية، والتي تعود بجذورها إلى قبائل بني شبيب العربية التي قامت بدور كبير في التاريخ والفتوحات العربية في العراق ومصر وبلاد الشام. برز منها عبر التاريخ القائد قحطبة بن شبيب (ت 749م) صاحب أبو مسلم الخراساني في إِقامة الدعوة العباسية. ويشير تاريخ أسرة شبيب البيروتية إلى أن أجدادها قدموا من العراق إلى فلسطين وسوريا ولبنان لاسيما إِلى بيروت في العهد العثماني، وتوزعت الأسرة في مناطق بيروتية عديدة، وفي بيروت أضيف إلى اسمها الأصلي اسم العشي، وذلك ابتداء من عام 1932 تمييزاً لها عن أسرة شبيب وأسرة العشي التي لا رابط معها سوى الاسم، مع أهمية الإشارة إلى أن بعض الأسر المسيحية والشيعية حملت اسم شبيب فحسب. وأشهر من برز من الأسرة المسيحية مرعي شبيب الذي عاش في زمن الأمير بشير الشهابي الثاني الكبير. كما برز من أسرة شبيب الشيعية محمد علي بك شبيب، وأخوه حسين بك شبيب اللذان قادا ثورة ضد الأمير بشير الشهابي الثاني الكبير.

وعرف من الأسرة البيروتية في التاريخ المعاصر السادة: أحمد، وأمين، وتوفيق، وحسن، وزهير، وسعد الدين، وسمير توفيق، وعفيف، ومحمد، ومحمود وسواهم.

ومما يلاحظ بأن بيروت عرفت أسرة المصري العشي عرف منها السيد رشاد المصري العشي.

وشبيب لغة من الشباب، بل في اللغة العربية هو الأكثر شباباً وفتوة وجمالاً، وقد أطلق هذا اللقب على إحدى قبائل العرب نسبة لأحد أجدادها. أما لقب العشي فهي مهنة أعطيت لقباً لمن يعد العشاء للسلاطين والأمراء، ثم باتت لقباً لمن يعد الطعام في المطاعم والفنادق.

وفي عام 1997 قدّم لي الأخ والصديق سمير شبيب (العشي) مواليد بيروت عام 1946 – أحد متخرجي كلية التجارة في جامعة بيروت العربية عام 1970 – قدم لي بعض المعلومات عن جذور عائلته نثبت نصها كما يلي:

عائلة شبيب في بيروت: الأصل والنسب:

في بداية القرن التاسع عشر ميلادي هاجر من مدينة دمشق في الشام محمد بن سليمان شبيب، وتوجه إلى مدينة صيدا وسكنها وتزوج فيها من آل شهاب وأنجب ثلاثة ذكور.

1- سليم شبيب: توطن في مدينة صيدا، وبقي فيها وتزوج وأنشأ عائلة وذريته وأحفاده موجودون في صيدا إلى الآن.

2- أحمد شبيب: رحل إلى مدينة يافا في فلسطين وسكنها وأنشأ فيها عائلة وذرية وأحفاد ولكنهم اضطروا جميعاً فيما بعد للهجرة منها عام 1948 عام النكبة وتفرقوا في عدة بلدان في دمشق وبغداد وعمان ودول الخليج العربي وفي بلاد المهجر في الولايات المتحدة الأمريكية.

3- محمود شبيب: رحل من مدينة صيدا وتوجه إلى مدينة بيروت آنذاك وسكن في باطنها واستقر حوالي منتصف القرن التاسع عشر (1840 ميلادية) وهو الجد الأعلى لعائلة شبيب ومؤسسها في بيروت.

لقد كان وقت ذاك فتى شاباً في مطلع حياته، اشتغل وعمل في المستشفى العسكري العثماني التركي في بيروت والذي كان يعرف باسم (الخستة خانة) مكان مجلس الإنماء والإعمار حالياً. بمهنة «عشي».

وكما كان يقال بأن «الصنعة نسب» وبمرور الأيام والسنين والزمن فقد غلبت مهنته «العشي» على اسم عائلته وكنيته «شبيب» وتسمى منذ ذلك الوقت بالمهنة التي يشتغلها. وكان هذا من تقاليد وعادات أهالي بيروت آنذاك. فأصبح لقبه وكنيته مشتقاً من مهنته «العشي». شأنه شأن كثير من عائلات بيروت الذين لقبوا بالمهن التي يشتغلونها وعلى سبيل المثال: عائلات قباني والحلواني والفاخوري والخياط والحلاق والحداد... إلخ وقد اشتهر بهذا اللقب مع أبنائه وأحفاده عشرات السنين إلى حين صدور حكم مبرم من محكمة الأحوال الشخصية في بيروت باسترداد وإثبات الشهرة الأصلية لهم أي شهرة وكنية شبيب.

وهنا نذكر بأن محمود شبيب هذا الملقب بالعشي، كان قد تزوج في بيروت من فاطمة المصري وأنجب منها ثلاثة ذكور: أحمد ومحمد ومصباح الذين امتهنوا تجارة «مال القبان» في أسواق بيروت القديمة. وأنجب أيضاً ابنتين: «منصورة» وهي والدة دولة رئيس وزراء لبنان الأسبق الحاج حسين عويني. والأخرى «إلهامه» وتزوجت من آل العويني أيضاً.

علماً بأن محمود هذا توفي ودفن في المقبرة المعروفة باسم «الخارجة» شمال شرق ساحة «البرج» الشهداء في بيروت. ومن ثم وبعد هدمها وإزالتها نقلت رفاته إلى مقبرة الباشورة.

وبالعودة إلى أحد أبنائه: أحمد بن محمود العشي شبيب فقد تزوج من نفيسة منيمنة ابنة الشيخ محمود منيمنة إمام مسجد البسطة التحتا آنذاك «والدتها من آل الحشوي» وأنجب منها أربعة ذكور: فؤاد وتوفيق وسعد الدين ومحي الدين. ونذكر بأن أحد أبنائه: توفيق بن أحمد العشي شبيب مواليد عام 1897 ميلادية امتهن التجارة والصناعة وهو من أوائل من أسس وأنشأ مصنعاً للسمن الصناعي المعروف باسم «الماركرين» وتجارة الزيوت النباتية في عهد الانتداب الفرنسي عام 1922 ميلادي من القرن العشرين مع شريكه: «كامل محمد الطويل» في شارع الأمير أمين في محلة «السور» جنوب ساحة رياض الصلح في بيروت إلى أن امتهن أخيراً تجارة البناء والعقارات لحين وفاته عام 1985 ميلادي.

ومن أبناء توفيق المذكور: عدنان وهو مهندس استشاري مدني في المملكة العربية السعودية، وسمير (كاتب هذه المعلومة) في مجال الأعمال والتجارة. وأحمد ومحمد والشيخ جمال الدين «رئيس الهيئة الإسلامية للإعلام».

وبالعودة إلى أحمد شبيب «العشي» وبالإضافة لأبنائه الذكور الأربعة المذكورين أنجب سبعة إناث إحداهن فاطمة والده المهندس والوزير السابق الأستاذ محمد غزيري، والأستاذ محمود والمهندس نور الدين ويوسف غزيري. ومن أحفاده نذكر الأستاذين سعيد ومصطفى والمهندسون عبد الرحمن وعفيف وفاروق والمهندس وليد ووفيق غزيري وسعيد مصطفى شهاب وخضر وسامي ياسين.

ومن عائلة شبيب في بيروت أيضاً: الأستاذ محمود مصباح شبيب وهو من قدماء موظفي جامعة بيروت العربية المعروفين (مسجل كلية العلوم الصحية). والمهندس زهير ووليد سعد الدين شبيب وإخوانهم.

وأخيراً، وللعلم فإن عائلة شبيب كما هو ثابت وموثق يرجع نسبها الشريف وأصلها إلى الإمام الحسين بن علي كرم الله وجهه وابن فاطمة الزهراء ابنة رسول الله(#) ويتسلسل نسب العائلة وينحدر من الإمام الحسين بن علي(رضي الله عنه) إلى الآن مروراً بجدهم الأعلى: محمود بن محمد بن سليمان بن حسين بن عبد الرازق شبيب. (وهذا مذكور ونقلاً عن النسب الأصلي الموثق للعائلة المعروف بشجرة العائلة ومن وقف آل شبيب في دمشق أباً عن جد).

سمير توفيق شبيب

بيروت عام 1997