السبت، 16 أغسطس 2014

تهجير المسيحيين في الموصل .. رؤية شرعية بقلم / الشيخ جمال الدين شبيب


في كل نازلة من نوازل الأمة وكل خطب جلل من خطوبها، ندرك الجهل الذي يسيطر على الذهنية وغربة الإسلام في مثل هذه التنظيمات المتطرفة وفكرها العاطفي الذي يبتعد بمتحمسيها عن الإسلام الحنيف وسماحته، وهي تحسب أنها تحسن الصنع وأنها تقترب من الله جلّ وعلا: قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا، الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا، أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا (103 -105) سورة الكهف.
ومن أكبر الكوارث التي شوهت هذا الدين العظيم وجاءت على خلاف ما كان عليه من قواعد التسامح والتعايش، ما يسمّى تهجير المسيحيين من بلادهم، فهذه المرة تعمل بعض التنظينات المتطرفة على تهجيرهم من العراق ومن الموصل تحديداً وغداً سيطالب المغامرون بتهجيرهم من مصر وهكذا، وتسليطاً للضوء على هذا التهجير القسري لا بد من دراسة الجوانب الشرعية التي نخلص بنتيجتها إلى حرمة هذا الفعل شرعاً واثم من يقوم به.
ومن أكثر ما يثير العجب السكوت الدولي عن هذا الجرم الشنيع الذي لا يقره دين ولا عقل وينافي شريعة حقوق الانسان والقوانين الدولية.. فضلا عن مجافاته لتعاليم الإسلام، وكأن هذا السكوت يعطي مؤشراً على عبث الأيدي الاستخباراتية في مصير شعوبنا العربية وتفتيت بلادنا العربية ونشر الفوضى في بلاد المسلمين
كما برزت دعوة الرئيس الفرنسي هولاند وقبله ساركوزي المسيحيين العراقيين للعيش في أوروبا ، بحجة أنّ مكانهم الطبيعي في غير المشرق، ونسي هؤلاء أن المسيحية كلها نزلت على أهل المشرق وأن مهبطها على سيدنا المسيح عليه السلام كان في المشرق.
ولذلك لم يجد المسيحيون عبر التاريخ الاسلامي الطويل أية مشكلة في العيش الكريم في ظل الإسلام المعتدل، والنصوص كثيرة التي تدل على عدل الإسلام مع هؤلاء المسيحيين ابتداءً من العهدة العمرية وفتح بيت المقدس على يد سيدنا أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وليقرأ من شاء شهادة غوستاف لوبون في كتاب حضارة العرب…
ويجب أن يعلم الجميع أن المسيحيين العرب في لبنان وسوريا وفلسطين والأردن والعراق ومصر وغيرها مكوّن رئيسي من مكونات المجتمع العربي، وأبلوا بلاءً حسناً في قضايا الأمة الإسلامية وقدموا من التضحيات ما يشكرون عليه، وكثير منهم ناضل من أجل الاستقلال الوطني والوحدة العربية، وكثير منهم تجاوز الانحياز الديني والمذهبي وهام عشقاً في العروبة والإسلام، وتفريغ الموصل من مسيحييها جريمة كبرى لا تغتفر وخطيئة لا يقر بها الإسلام العظيم، ولا ترضاها النخب الدينية والسياسية…
وردت النصوص الشرعية بالتوصية بالقبط وهم نصارى مصر، وليس هناك مانع من الاهتمام بنصارى الموصل وغيرهم، إذ أورد الشيخ الألباني – رحمه الله – في «السلسلة الصحيحة» برقم: (1374) تحت عنوان: «التوصية بالقبط وسببها»: «إذا افتتحتم مصر فاستوصوا بالقبط خيراً، فإنّ لهم ذمة ورَحِماً»، ولا يلتفت إلى من رد على الشيخ في قوة الاستدلال بالحديث. وعلى المسلمين ألا ينسوا سيدتنا هاجر أم إسماعيل وكذلك أم سيدنا إبراهيم مارية فهما قبطيتان، وألا ينسوا سيدتنا صفية بنت حيي بن أخطب سيد اليهود، فأهل الكتاب لهم رحم ونسب، فيهن من أمهات المؤمنين وكفى بذلك شرفاً….
ويفهم من هذا الحديث أنّ الإسلام لا يشيطن هذه الأجناس ولا يكرهها، وقد فرض عليهم الجزية مقابل فرض الزكاة على المسلمين، بل إنّ الزكاة لا تسقط عن المسلم في حين أنّ الجزية تسقط إن كان في المسلمين ضعف وهوان أو كان الكتابي فقيراً، فهي مقابل حمايته وحفظ ضروراته الخمس، وارتضى الإسلام منهم هذا حتى يدخلوا في الإسلام عن قناعة واختيار وليس جبراً…
على مر التاريخ الإسلامي لم يطرد المسلمون النصارى ولم يفرغوا الأراضي من أهاليها، وعاش النصارى واليهود في ظل الحكم الإسلامي الذي وضع ضوابط عيشهم في ما يسمّى بجزيرة العرب فقط، بخلاف غيرها من بلاد المسلمين كالعراق ومصر والشام، وقد فصل العلماء في ذلك اعتماداً على شواهد ومرويات تثبت وجودهم بحسب الطرق الشرعية..
نص العلماء على عدم شرعية معاقبة آحاد طائفة بسبب ما يقترفه بعض أفراد تلك طائفة، فلا تزر وازرة وزر أخرى، وليس من العدل والتقوى المأمور بهما أن يحل العذاب بمن لم يقترفه، قال العلامة ابن كثير في أحداث سنة 767هـ…
وبالفعل انطلقت الحملة الصليبية القبرصية يقودها بطرس الأول بنفسه ووصلت إلى الإسكندرية يوم الأربعاء 22 محرم سنة 767هـ كان من صدى الحملة أيضاً عند المسلمين، مما دفع السلطان الأشرف لأن يصدر قراراً بالقبض على نصارى الشام ومصر كلهم، وأخذ ربع أموالهم لعمارة ما خرب من الإسكندرية، ولتجهيز جيش جديد وأسطول بحري لغزو قبرص واستنقاذ أسرى المسلمين.
ورغم أ نه قرار سلطاني وبحق النصارى الذين قام إخوانهم في الصليب بارتكاب تلك المجزرة، إلاّ أنّ أهل العلم ومنهم العلاّمة ابن كثير، قد رفضوا هذا القرار وأوضحوا أنه لا يجوز شرعاً. وهذا موقف أهل الإسلام المنصف…
وكذلك يستحضر في مسألة فرض الجزية على المواطنين اليوم فهم الصحابة رضي الله عنهم للجزية وإسقاطهم لها، في مواقف تؤكد على أننا في حالة يجب أن يراعى فيها ضعف المسلمين وتشويه الإسلام ومن قاتلنا ومن لم يقاتلنا ومن قاتل معنا.
وبخاصة أنّ سيدنا عمر بن عبد العزيز قال عبارته المشهورة: «إن الله بعث محمداً هادياً ولم يبعثه جابياً»، لما رأى بعض الولاة أن أهل الذمة يدخلون في الإسلام هرباً من الجزية، لم يقبلوا منهم ذلك…

وبناء على ما تقدم فإننا نرى أن تهجير نصارى الموصل جريمة يبرأ منها الإسلام ولا يقرّها أهله المنصفون العادلون. ورحم الله خلفاء الإسلام الذين أثبتوا فهمهم للدين ومنهجهم الإنساني الذي يتفق مع قواعد الإسلام فبلغوه ولم يصدوا عن سبيله بمغامرات واجتهادات ساذجة، وكان الله في عون المسلمين والله من وراء القصد.

الإسلام .. دين الرحمة والاعتدال بقلم / الشيخ جمال الدين شبيب


إن الدين الاسلامي هو دين الرحمة والتسامح والوفاء والصدق والاعتدال. دين الاخلاق الحميدة الفاضلة دين الله الذي لايأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه يقول الله تعالى : «وما أرسلناك الا رحمة للعالمين» إنه الغيث الذي ما أصاب ارضاً اهتزت وربت وانبتت من كل زوج بهيج إنه الخير الذي يعم البشرية وتنعم به أمن وإيمان واطمئنان.
... فلا غلو ولاتطرف ولا تشدد في الاسلام إنه دين الوسطية والاعتدال والعدل يقول الله تعالى: «وكذلك جعلناكم أمة وسطاً لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيداً» ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم :«إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق» ويقول :«لقد تركت فيكم ما إن تمسكتم بهما فلن تضلوا بعدي أبداً، كتاب الله وسنتي».
فالحلال ما أحل الله ورسوله والحرام ماحرم الله ورسوله، ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم في خطبة الوداع :«إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا، ألا هل بلغت- قالها ثلاثاً – اللهم فأشهد»..
والدين الإسلامي هو دين يسر وليس عسر كما قال سبحانه وتعالى في محكم كتابه “وماجعل الله في الدين من حرج”، وقوله تعالى:”يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر”.
والحقيقة أن الغلو والتطرف والتشدد في الدين أمر طارىء مخالف لأحكام الشريعة الغراء قال الرسول صلى الله عليه وسلم: بعثت بالشريعة السمحة السهلة ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك، والذين يتشددون ويريدون إغراق الناس في تشدد حقيقة أن هذا خلاف ما جاء به الدين الإسلامي والرسول عليه الصلاة والسلام ما جاء بهذا الدين إلا ليكون لعبادة الله سبحانه وتعالى وفيه يسر.
ومما لا شك فيه أن ظاهرة التشدد في الدين بمختلف أشكالها وتجلياتها تنم عن اختلال في الفهم والتقدير، واختلاف في التصور والسلوك.  يقول ابن حجر عند شرحه لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم “إن الدين يسر ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه”(رواه البخاري) “والمشادة بالتشديد المغالبة. والمعنى لا يتعمق أحد في الأعمال الدينية ويترك الرفق إلا عجز وانقطع فيغلب” فتح الباري 1/94).
وقد جعل الله عز وجل شريعته الغراء خاتمة الشرائع للناس كافة، ذكراً وأنثى، قوياً وضعيفاً، صحيحاً وسقيماً، لذلك جاءت ميسورة الفهم، سهلة التطبيق، تسع الناس أجمعين، ويطيقها كل المكلفين.
فالتيسير مقصد من مقاصدها، وصفة بارزة لأحكامها، من شأن المتمسك بها أن يسعد في الآخرة والأولى. لذلك نهى الله عز وجل عن الغلو والتشدد في كتابه الكريم، وعلى لسان نبيه العظيم، المبعوث رحمة للعالمين.
قال عز من قائل: “يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم “(النساء 171)، وقال أيضاً: “قل يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم غير الحق” (المائدة 77). فهذا تذكير بتاريخ الغلو ومآله، وإن كان الخطاب موجهاً لأهل الكتاب، إلا أنه يشمل المسلمين كافة، لأن الدين عند الله الإسلام.
وقال تعالى: “لا يكلف الله نفساً إلا وسعها”(البقرة 286)، يقول ابن العربي: “وهذا أصل عظيم في الدين، وركن من أركان شريعة المسلمين، شرفنا الله سبحانه على الأمم بها، فلم يحملنا إصراً، ولا كلفنا في مشقة أمراً”( أحكام القرآن 2/49).
وقال عز من قائل: “والذين آمنوا وعلموا الصالحات لا نكلف نفساً إلا وسعها” (الأعراف 42). فهذه الآيات – وأخرى كثيرة في القرآن الكريم-،واضحة الدلالة على أن الله سبحانه وتعالى راعى في تشريعه للأحكام وسع عباده وطاقاتهم، ووضع عنهم الحرج والضيق تيسيراً عليهم. وهو أعلم بهذه الطاقات وحدودها، فشرع لها ما يلائمها، دون عنت ومشقة، قال تعالى: “ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير” (الملك 14).
قال تعالى: “لقد جاءكم رسول من أنفسكم، عزيز عليه ما عنتم، حريص عليكم، بالمؤمنين رؤوف رحيم” (التوبة 128). فهو الرحمة المهداة، والنعمة المسداة، وسنته هي الرحمة التي خلصت البشرية من إصرهم والأغلال التي كانت عليهم. فكان أعظم الناس رأفة ورحمة، وكانت سيرته العطرة – قولاً وفعلاً وتقريراً – تجسيداً لمنهج التيسير، ومنعاً للغلو والتضييق في الأمور كلها.
قال صلى الله عليه وسلم: “إن هذا الدين يسر، ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه. فسددوا وقاربوا، وأبشروا واستعينوا بالغدوة والروحة وشيء من الدلجة “(رواه البخاري). قال الحافظ بن حجر- بعد ما بين معنى التشدد- : “سددوا وقاربوا، أي لا تغلوا ولا تقصروا، واقربوا من الصواب” (فتح الباري 1/181).
وقال صلى الله عليه أيضاً: “يسروا ولا تعسروا، وبشروا ولا تنفروا”(رواه البخاري ومسلم).عند شرحه لهذا الحديث يقول الإمام النووي: “إنما جمع في هذه الألفاظ بين الشيء وضده، لأنه قد يفعلهما في وقتين. فلو اقتصر على “يسروا” لصدق ذلك على من يسر مرة أو مرات، وعسر في معظم الحالات. فإن قال: “ولا تعسروا” انتفى التعسير في جميع الأحوال من جميع وجوهه، وهذا هو المطلوب” ( شرح الإمام النووي على صحيح مسلم 6/170).
وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينوع في نهي أصحابه رضوان الله عليهم عن الغلو والتشدد، ويدعوهم بالتي هي أحسن لمنهج اليسر والرفق، مستعملاً في ذلك من الأساليب أحسنها وأفضلها، وأوقعها في نفوسهم، وأقربها إلى أفهامهم وعقولهم، حتى صاروا كالنجوم يهتدى بهم في غيابات الجهل والحيرة.

وفي الختام نخلص إلى أن معنى التشدد الذي ينكره الشرع الحنيف هو تجاوز حد الاعتدال والوسطية في الاعتقاد والقول والفعل. فالآيات الكريمة، والأحاديث النبوية الشريفة، قطعية الدلالة على منع هذا النوع من التشدد، والحث على الالتزام بمنهج الحنيفية السمحة التي فطر الله الناس عليها لحكمة عليا في امتداد الحياة وارتقائها. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

الجزية .. رؤية معاصرة بقلم/ الشيخ جمال الدين شبيب


يرى كثير من أهل العلم أن مبدأ فرض الجزية على أهل الكتاب الذين يعيشون في ظل الحكم الإسلامي يأتي من باب المعاملة بالمثل كالعبودية والرقيق والسبايا، فحاكم مسلم يرفعها وحاكم آخر يقرها بحسب المصلحة والمعاملة. وليس نظاماً أساسياً من أنظمة الدولة في الإسلام بل يتطور بتطور العلاقات والظروف التي تجعل الدولة في حل من إسقاطها، حين تكون مصلحة الدولة في ذلك.
وللحاكم المسلم أن يراعي هذا بما يتفق مع مفهوم الدولة في العصر الحديث، والقائم على عقد اجتماعي بين الدولة والمواطن، ولذلك تقبل مسمّى الضريبة أو ما في حكمها ولا تقبل الجزية فئات من المواطنين الذين يرتبطون برابطة الولاء للدولة مع مخالفتهم لجمهور الشعب في عقيدته. وقد يفرض عليهم ضرائب أو ما في حكمها استحقاقاً مجتمعياً عليهم دون إهانة لآدميتهم وإنسانيتهم.
وعطفاً عليه يجب تحرير كتب التراث من أخطاء سبق أن ارتكبت باسم الاسلام بتأثير من صراعات سياسية وعسكرية عنيفة أرخت بظلالها على تاريخ المسلمين. من ذلك ما ورد من أساليب الإهانة والصفع والرفس واللبس والزي المخالف، وكل أحكام أهل الذمة التي لا يقرها الإسلام، تفسيراً لقوله تعالى: حَتَّى يُعْطُواْ الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ (29) سورة التوبة. لأن كل ذلك مندفع بما قرره العلماء من أن الجزية لا تفرض إلا على من أعلن عداءه للدولة وهو من غير أبنائها.
وخير دليل على أن مفهوم الجزية ليس نظاماً أساسياً أن سيدنا أمير المؤمنين عمر بن الخطاب تصرف فيه بما يؤكد رعاية المصلحة في إقراره من عدمه. قال ابن قدامة في المغني: ولا تؤخذ الجزية من نصارى بني تغلب، وتؤخذ الزكاة من أموالهم ومواشيهم وثمرهم، مثليْ ما يؤخذ من المسلمين.
وبنو تغلب بن وائل، من العرب، من ربيعة بن نزار، انتقلوا في الجاهلية إلى النصرانية، فدعاهم عمر إلى بذل الجزية، فأبوا، وأنفوا، وقالوا: نحن عرب، خذ منا كما يأخذ بعضكم من بعض باسم الصدقة. فقال عمر: لا آخذ من [ص: 275] مشرك صدقة. فلحق بعضهم بالروم، فقال النعمان بن زرعة: يا أمير المؤمنين، إنّ القوم لهم بأس وشدة، وهم عرب يأنفون من الجزية، فلا تعن عليك عدوك بهم، وخذ منهم الجزية باسم الصدقة. فبعث عمر في طلبهم، فردهم، وضعف عليهم من الإبل من كل خمس شاتين، ومن كل ثلاثين بقرة تبيعين، ومن كل عشرين ديناراً ديناراً، ومن كل مائتي درهم عشرة دراهم، وفيما سقت السماء الخمس، وفيما سقي بنضح أو غرب أو دولاب العشر. فاستقر ذلك من قول عمر، ولم يخالفه أحد من الصحابة، فصار إجماعاً.
جاء في بحث ( الجزية في ظل الدول الإسلامية اليوم ) لمؤلفه الدكتور حمزة عبد الكريم حماد، عرض المؤلف هذه المسألة وذكر آراء الفقهاء المعاصرين الذين تكلموا في هذه القضية ووقف على أقوالهم، وحكى إجماعهم على سقوط الجزية عن أهل الكتاب في هذا العصر، وعطفاً عليه يحرم تهجيرهم من بلادهم فهم مواطنون من الدرجة الأولى ولكن عليهم أن يراعوا مشاعر المسلمين وهذا حق على ولي الأمر. وقد اختلف الفقهاء المعاصرون في علة ذلك على النحو التالي فقالوا:
أ- الجزية لا تفرض إلا على من قاتل، أما المواطنون من غير السلميين ممن لم يحاربوا الدولة فلا تفرض عليهم، ومبنى ذلك على أنّ القتال لا يشرع في الإسلام إلا للدفع فقط فنقاتل من قاتلنا، بدليل قوله تعالى: وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ (190) سورة البقرة، وقد يكون هناك ملحوظات على تعميم هذا يحتاج إلى علماء ربانيين يقررون ذلك.
ب- الجزية إنما شرعت في الإسلام بدل الدفاع عنهم والحماية لهم. ولذلك جاء في عهد خالد بن الوليد لأهل الحيرة: «أيما شيخ ضعف عن العمل أو أصابته آفة من الآفات، أو كان غنياً فافتقر وصار أهل دينه يتصدقون عليه، طرحت جزيته وأعيل من بيت مال المسلمين وعياله».
وقد طبق عمر رضي الله عنه هذا المبدأ الإسلامي العظيم حين مر بشيخ كبير يسأل الناس الصدقة، فلما سأله وعلم أنه من أهل الجزية، أخذ بيده إلى بيته وأعطاه ما وجده من الطعام واللباس، ثم أرسل إلى خازن بيت المال يقول له: «انظر إلى هذا وأمثاله فأعطهم ما يكفيهم وعيالهم من بيت مال المسلمين فإنّ الله يقول: إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ (60) سورة التوبة والفقراء هم المسلمون، والمساكين هم أهل الكتاب».
وبناءً عليه فقد أجمع الفقهاء الذين استدل بقولهم الباحث الدكتور حمزة، بأنه في العصر الحديث يشترك الذميون في الدفاع عن الوطن مع المسلمين فتسقط الجزية عنهم أو يمنع وجوبها أصلاً، ويستدل صاحب هذا القول بمجموعة من الأحداث التاريخية. وقد يعبّر بعضهم عن الجزية بأنها بدل مالي عن الخدمة العسكرية المفروضة على المسلمين.
يذكر أن أبا عبيدة بن الجراح لما فتح أنطاكية ولىّ عليها (حبيب بن مسلمة) الفهري فغزا الجُرجُومة فلم يقاتله أهلها، ولكنهم طلبوا الأمان والصلح، فصالحوه على أن يكونوا أعواناً للمسلمين وعيوناً ومسالح في جبل اللكام وأن لا يؤدوا الجزية، ودخل من كان في مدينتهم في هذا الصلح، كما في فتوح البلدان للبلاذري. ج- علل بعض الفقهاء بأنّ الدول الإسلامية تعرضت للاحتلال الأجنبي؛ وعجز المسلمون عن حماية أنفسهم فضلاً عن ذمتهم وهذا مسقطٌ للجزية.
وقالوا: يجوز للإمام أن يعفي أهل الكتاب من المسيحيين واليهود منها جميعاً كما فعل أبو عبيدة حين أسقط الجزية عن أهل السامرة بالأردن وفلسطين، وكما أسقط عمر الجزية على ملك شهر براز وجماعته لقاء اتفاقه معهم على قتال العدو، وكما أسقط معاوية الجزية عن سكان أرمينية ثلاث سنوات، كما يجوز إعفاء كل ذمي دخل في الجيش الإسلامي أو قدم خدمة عامة للدولة، وهي أحكام مسلّمة معروفة في الفقه الإسلامي.
وهذا من سماحة الإسلام ويسره وخلود شريعته عبر اختلاف الزمان والمكان ..والله تعالى أعلم.
أين هذا الكلام مما يفعله بعض الغلاة والمتطرفين من قتل وتهجير للمخالفين..؟؟
( إن في ذلكك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد)


الأحد، 10 أغسطس 2014

الشيخ شبيب: انتخاب سماحة الشيخ دريان مفتياً يحصن الساحة الإسلامية


هنأ رئيس الهيئة الإسلامية للإعلام الشيخ جمال الدين شبيب سماحة الشيخ عبد اللطيف دريان
بانتخابه مفتياً للجمهورية اللبنانية متمنياً له التوفيق في مهامه ولا سيما إعادة الاعتبار لموقع دار الفتوى كعنوان لنهج الاعتدال الإسلامي وداراً مرجعية جامعة لأبناء الطائفة السنية الكريمة وحاضنة لكل اللبنانيين.
 ورآى الشيخ شبيب أن انتخاب رئيس المحكمة الشرعية السنية العليا سماحة الشيخ دريان مفتياً للجمهورية بما يقارب الاجماع الإسلامي والوطني والعربي من شأنه تحصين الساحة الإسلامية السنية التي عانت وتعاني من خطر الإرهاب والتطرف والصراعات السياسية.
وأكد الشيخ شبيب ان هذا الانتخاب الذي تم  مستفيداً من الزخم السياسي والعلمائي العربي واللبناني من شأنه أن يطوى صفحة مظلمة ومؤسفة مرت في تاريخ الطائفة السنية الكريمة إلى غير رجعة.وسيحصن الطائفة في مواجهة كل الأخطار والاستحقاقات الداهمة.
 ودعا الشيخ شبيب العلماء ولا سيما من كان لهم موقف مخالف إلى الالتفاف  حول سماحة المفتي الجديد وتقديم كل العون والدعم الممكن حتى يتمكن من السير بالطائفة والبلد إلى بر الأمان.
وشكر الشيخ شبيب سماحة المفتي السابق الشيخ محمد ىشيد قباني لتفهمه وتعاونه وحرصة على المصلحة العليا للمسلمين وموقع الافتاء.كما توجه الشيخ شبيب بالشكر للمسؤولين العرب وإلى رئيس الحكومة دولة الرئيس تمام سلام ورؤساء الوزارة السابقين وكل من ساهم في تجاوز هذا الاستحقاق بسلام.

وخص الشيخ شبيب بالشكر رئيس تحرير جريدة اللواء الاستاذ صلاح سلام الذي كانت لحكمته البالغة وحسن إدارته اليد الطولى في نجاح المساعي الطيبة وإنجاز انتخاب المفتي بالطريقة القانونية المشرفة.

الهيئة الإسلامية للإعلام : الاعتداء على الصحافيين جريمة لا يجوز أن تمر بدون عقاب


استنكرت الهيئة الإسلامية للإعلام اعتداء عناصر من الأمن اللبناني على بعض الصحافيين أثناء تأدية واجبهم الإعلامي في تغطية انتخابات مفتي الجمهورية اللبنانية في دار الفتوى . دون أي مراعاة لحرمة المكان أو المناسبة.

وطالبت الهيئة بتحقيق شفاف يحدد المسؤوليات ويقدم المرتكبين أمام القضاء لينالوا جزاءهم العادل باعتبار ما جري جريمة  بحق الأسرة الإعلامية لا يجوز أن تمر بدون عقاب.إذ من غير المقبول لأي كان أن يتصرف في دار الفتوى بهذه الطريقة المشينة المخالفة للقوانين وأصول اللياقة المتعارف عليها في التعاطي مع أهل الإعلام.