الجمعة، 3 نوفمبر 2017

تدخل الأهل في حياة الزوجين نعمة أم نقمة ؟

بالاستناد إلى أحدث الدراسات الأسرية وسجلات المحاكم الشرعية في لبنان يتبين أن تدخل الأهل في الحياة الزوجية خلال السنوات الخمس الأولى من الزواج يعتبر من الأسباب الرئيسة المؤدية إلى الطلاق، وذلك لأن المشاكل
الزوجية غالبا ما تنجم بين الطرفين حين يتدخل أحد بينهما، وبدلا من أن يجد كل منهما الحل، تتفاقم المشكلة لتنتهي في أحيان كثيرة إلى طريق مسدود.
وتشير هذه الدراسات إلى أن تدخل الأقارب في شئون الأزواج مشكلة حقيقية،لأن كل من الزوجين ينحاز لأهله، والخطر أن يصل الأمر إلى أن تتخذ والدة أحد الزوجين «الحماة» موقف العدو الذي يقف بالمرصاد، فتتصيد الأخطاء
وتستغلها في سبيل تعكير صفو الحياة.
وربما يعتقد الأهل أن تدخلهم في حياة الزوجين ـ من وجهة نظرهم ـ يأتي من باب الحرص عليهما، ولكن سرعان ما تتفاقم الأمور لتصل إلى خلافات بين الزوجين والأهل.
ومن أهم الأسباب التي تجعل حياة الزوجين عرضة لتدخل الأهل في الحياة الزوجية، حالة الابن الوحيد واعتماده على والديه إقتصاديا، وحالة السكن مع أهل الزوج في منزل واحد مشترك، وكذلك الشخصية الضعيفة لدى كل من الزوج
أو الزوجة، وشعور الآباء بالوحدة والفراغ بعد زواج الأبناء، وخوفهم من فقدان أهميتهم فى حياة الأبناء، بالإضافة إلى لجوء الزوجين إلى الأهل فورحدوث أى مشكلة، نتيجة لضعف التواصل بينهما واحتياجهما إلى طرف ثالث ليحل
لهما مشاكلهما بالإضافة إلى عدم انتباه الآباء إلى احتياج الزوجين الجدد إلى الاستقلالية.
والزوجة الذكية الواعية هى التى تحرص على عدم إشراك أي طرف فيما بينها وبين زوجها، خاصة والديها، واحتواء الخلاف القائم بينهما خلال يوم أو يومين على الأكثر تأسيسا للمحبة والرحمة القائم عليها الزواج.
وقد يلجأ الكثير من الأزواج للحديث عن حياتهما الزوجية، والبوح بأسرار بيوتهم وكشف الغطاء عن خصوصياتهم للأقارب أو الأصدقاء حتى تتحول الأسرار الزوجية إلى نشرة أخبار، ويتم انتهاك خصوصية هذه العلاقة على يد أحد
طرفيها سواء كان الزوج أو الزوجة، الأمر الذي يهدد كيان الأسرة وينذر بهدمها، في حالة اكتشاف أحد الزوجين ما فعله الطرف الآخر، وحينها لن يجني من إفشاء الأسرار إلا الحسرة والندم، ولكن بعد فوات الأوان، وقد وردت فى
إحدى الدراسات أن نشر الأسرار الخاصة بين الزوجين يشكل 80% ـ 90% من
الأسباب المؤدية للطلاق وخراب البيوت. ومن أخطر ما يهدد أمن وسلامة الحياة الزوجية استسلام الزوجين أو أحدهما
لتدخلات الغير ما يؤدي إلى ضياع خصوصية الحياة الزوجية، ونمو الجفاء بين الزوجين، وتضخم المشاكل لتدخل الآخرين عن طريق تحريض أحد الطرفين ضد الآخر، وحدوث الخلافات مع الأهل وتوتر العلاقة معهم، وقد يصل الأمر إلى القطيعة، أو انهيار الحياة الزوجية وحدوث الطلاق.
كيف نتخلص من تدخلات الأهل؟ الجواب ببساطة ، لا بد من الحديث مع زوجك عن دور الأهل فى حياتكما حتى تتأكدى أنكما متفقان على المجالات المسموح وغيرالمسموح للأهل بالتدخل فيها، لا بد من وضع الحدود. دون أن ننسى أهمية إبداء التقدير والاهتمام بالأهل من خلال الزيارات، والمكالمات، والهدايا،وقضاء حوائجهم حسب ماتسمح به الظروف. ولابأس من استشارتهم بما لا يمس خصوصية الزوجين، فهذا الأمر سيمنحهم السعادة وسيطمئنهم أنه مازال لهم مكانة فى حياة الأبناء.
كذلك يجب الحرص على الاستقلال المادى عن الأهل والتكيف فى حدود القدرات المالية للزوجين، مع ضرورة تعلم كيفية الإجابة على الأسئلة التى لا تريدين أن تجيبى عنها بطريقة دبلوماسية، ويكون ذلك إما بتغيير الموضوع أو
بالرد بكلام عام يفهم بأكثر من معنى، والاستماع إلى آراء الآباء باحترام،
ثم اتخاذ الزوجين القرار المناسب لهما، وعدم السماح للأهل بالتحدث عن الآخر بشكل غير لائق.
كذلك يجب أن يدرك الزوج أنه من حسن عشرة الزوج لزوجته إحسانه إلى أهلها، وأن يعينها على بر والديها وصلة أرحامها، ولا يجوز له أن يمنع زوجته من بر والديها وصلة أرحامها، ولكن في المقابل على أهل الزوجة أن يعلموا أنه
بمجرد زواج ابنتهم فقد أصبح لها حياة مستقلة مع زوجها، لا يحق لأحد أنيتدخل فيها لأن زوجها قد صار أولى بها منهم قال ابن تيمية رحمه الله في الفتاوى: المرأة إذا تزوجت كان زوجها أملك بها من أبويها،
وطاعة زوجها عليها أوجب. انتهى.
وإذا كان من حقهم أن يتفقدوا ابنتهم ويطمئنوا على أحوالها فلا بد أن يكون ذلك في حدود المعروف، وبما يحقق لها مصالح الدين والدنيا، ويعين على دوام الألفة بينها وبين زوجها، أما أن ينصبوا أنفسهم أوصياء على الزوجة،
يرسمون لها حياتها وفق ما يريدون، متجاهلين بذلك حق زوجها في القوامة، وحق الزوجين في حياة مستقلة، فإن ذلك لا يجوز وهو من مساوئ الطباع ومذموم الأخلاق، وهو دليل على ضعف العقل وغياب الحكمة.
فإذا أضيف إلى ذلك تخبيب  (إفساد) الزوجة على زوجها وتحريضها على طلب الطلاق منه، فإن ذلك ظلم واضح وفساد ظاهر وإثم مبين، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ليس منا من خبب امرأةعلى زوجها أو عبدا على سيده. رواه أبو داود.
وإذا وصل الحال إلى هذا فإن من حق الزوج أن يحافظ على زوجته من الإفساد بما يراه مناسبا فله منعها من زيارتهم إذا تأكد أن فيها مفسدة، بل له أن يمنعهم من زيارتها إذا اقتضت المصلحة، قال المرداوي في ذلك: الصواب في
ذلك إن عرف بقرائن الحال أنه يحدث بزيارتهما أو أحدهما له ضرر فله المنع وإلا فلا. انتهى.
والذي ننصح به في هذا المقام، أن يحفظ الزوج زوجته، وأن تعفو عن أهلها ما استطاع، وأن يحاول تأليف قلوبهم بالصفح تارة وبالتغافل تارة وبالإحسان تارة أخرى، ولا يجب عليه الاستجابة لهم فيما يريدون من تسلط عليه ووصاية
على أسرته.
فإذا استمرت الأمور على ذلك فوسط بينك وبينهم من يملك التأثير عليهم من أهل الخير والعلم ليعلمهم بقبح هذا المسلك وعواقبه الوخيمة، فإن لم ينزجروا فلك أن تهجرهم بالقدر الذي يدفع عنك شرهم وأذاهم، ويكتفى بالسؤال
عنهم بالهاتف ونحوه مما لا يكون معه مخالطة، فقد قال ابن عبد البر رحمه الله: أجمعوا على أنه يجوز الهجر فوق ثلاث لمن كانت مكالمته تجلب نقصا على المخاطب في دينه أو مضرة تحصل عليه في نفسه أو دنياه فرب هجر جميل خير من مخالطة مؤذية. انتهى.
والله تعالى أعلم
 إعداد الشيخ جمال الدين شبيب

الحب في الإسلام


إعداد/ الشيخ جمال الدين شبيب

الحب هو أجمل شعور خلقه الله ، وأصدق إحساس وضعه الله في قلب الإنسان ، فكيف يكون حراماً، لقد حرم الله الزنا ، والفاحشة ، والرذيلة ، لكن الحب الطاهر الصادق الإنساني الذي لا يقود إلى الانجرار وراء الغرائز والرغبات وارتكاب المعاصي هو أمر فطري وميل قلبي طبيعي، أما الميل الغرائزي الذي يقود للرذيلة فالبطبع هو ليس بحب ، وإنما شهوة جسدية قد تكون عابرة .
لقد شرع الله الحب والمحبة وزرعها في نفوس الجنسين الذكر والأنثى لتستمر البشرية ، وحض المسلمين على الزواج ، لأن الله تعالى خلق الإنسان اجتماعيا ودوداً يعشق الحب والطمأنينة ، وحض على تربية الأبناء تربية حسنة مبنية على الحب والاحترام ، وجعل بر الوالدين من أهم فرائض الإسلام ، والرفق بالمرأة والمسن والطفل من واجبات الرجل ، فكيف يكون الحب حراما ؟
الحب هو ذلك الشعور الصادق والجميل الذي يملأ القلب ، ويجعل الإنسان يشعر بأنه ممتلئ بالمودة والرحمة والسعادة والنوايا الحسنة ، عندها يرى المرء في من يحبه شريك المستقبل ومفتاح بناء الأسرة المستقرة ، ورفيق الدرب الذي يخاف عليه ويكد ويعمل من أجل إسعاده ويطلب في محبته أكمال نصف دينه ونيل رضا الله ومغفرته وعفوه . وبهذا كله يكون الحب خير شعور ينبض في قلب الإنسان ولابد من أن يقربه هذا الشعور من الله.
ولكن استغلال بعض الناس لهذه المشاعر الجميلة والحسنة وتوظيفها في غير مكانها للحصول من ورائها على شهوات وإرضاء للغرائز بالحرام ، أو الانتفاع من ورائها ماديا ، يجعل الناس يتساءلون هل الحب حرام ؟؟
ومعهم حق لأن هذا الشعور الجميل يوظف في غير مكانه ، وللأسف الكثير من الأشياء الحسنة والجميلة قد توظف في غير مكانها ، حتى الدين جاء من يتاجر فيه ، ويتاجر باسم الله للحصول على مكتسبات دنيوية ، ولكن بالمقابل سيلاقون جزاءهم من الله لأنهم شوهوا المفاهيم الجميلة، والسامية ، وجعلوا الناس تخاف منها.
والحب بين الزوجين أمر فطري وأساسي فوجود المودة والرحمة بين الزوج وزوجها لا يرفضه الإسلام بل يطلبه ويدعو إليه لما ورد عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: (أَنَّ نساءَ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ كُنَّ حِزْبَيْنِ: فحزبٌ فيهِ عائشةُ وحفصةُ وسودةُ، والحزبُ الآخرُ أمُّ سلمةَ وسائرُ نساءِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ.
والمسلمونَ الأوائل قد تعلمواْ الحُبَّ من حب رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ لأم المؤمنين السيدة عائشةَ، فإذا كانت عندَ أحدهم هَدِيَّةً، يُريدُ أن يُهديها إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ أَخَّرَهَا، حتى إذا كان رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ في بيتِ عائشةَ، بعَثَ صاحبُ الهديَّةِ إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ في بيتِ عائشةَ.
 حتى تكلَّمَ حزبُ أمِّ سلمةَ ، فقُلْنَ لها: كلِّمِي رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ يُكلِّمُ الناسَ، فيقولُ: من أرادَ أن يُهْدِي رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ هديَّةً، فليُهدها إليهِ حيث كان من بيوتِ نسائِهِ، فكلَّمتْهُ أمُّ سلمةَ بما قُلْنَ فلم يقلْ لها شيئًا، فسأَلْنَهَا، فقالت: ما قال لي شيئًا ، فقُلْنَ لها: فكلِّمِيهِ.
قالت: فكلَّمَتْهُ حينَ دارَ إليها أيضًا فلم يقلْ لها شيئًا، فسأَلْنَها فقالت: ما قال لي شيئًا، فقُلْنَ لها: كلِّمِيهِ حتى يُكلِّمَكِ، فدارَ إليها فكلَّمتْهُ، فقال لها: لا تُؤذيني في عائشةَ، فإنَّ الوَحْيَ لم يَأتني وأنا في ثوبِ امرأةٍ إلَّا عائشةَ) [رواه البخاري].
فيا أيها الناس عيشوا مشاعر الحب الصادق وأتموها بالزواج الحلال واسعدوا وكونوا أسراً ملؤها الحب والحنان . لينعم المجتمع كله بالمحب والسعادة المبنية على الإيمان والنظافة والخلق القويم.


الاثنين، 9 أكتوبر 2017

عورة المرأة في بيتها

إعداد / الشيخ جمال الدين شبيب
شاع في بيوت كثير من المسلمين اليوم أن تكشف البنات اللواتي بلغن سن التكليف والأخوات أمام بعضهن في البيت وربما أمام الأب والإخوة الشباب ما أمر الله بستره.مرة بدافع التقليد الأعمى لما يشاهد في بعض المسلسلات ومرة بداعي الجهل أو التساهل فكان لا بد من البيان والتوضيح.
بداية ..من المقرر عند الفقهاء أن عورة المرأة مع المرأة هي ما بين السرة والركبة ، سواء كانت المرأة أما أو أختا أو أجنبية عنها ، فلا يحل لامرأة أن تنظر من أختها إلى ما بين السرة والركبة إلا عند الضرورة أو الحاجة الشديدة كالمداواة ونحوها .
وهذا لا يعني أن المرأة تجلس بين النساء كاشفة عن جميع بدنها إلا ما بين السرة والركبة ، فإن هذا لا تفعله إلا المتهتكات المستهترات ، أو الفاسقات الماجنات ، فلا ينبغي أن يساء فهم قول الفقهاء بأن عورة المرأة أمام مثيلاتها ( ما بين السرة والركبة)..فكبف بمن يجاوز هذا الحد في الكشف..
أما قول الفقهاء : " العورة ما بين السرة والركبة " فإن كلامهم ليس فيه أن هذا هو لباس المرأة ، الذي تداوم عليه ، وتظهر به بين أخواتها وقريناتها ، فإن هذا لا يقره عقل ، ولا تدعو إليه فطرة .
بل لباسها مع أخواتها وبنات جنسها ينبغي أن يكون ساترا سابغا ، يدل على حيائها ووقارها ، فلا يبدو منه إلا ما يظهر عند الشغل والخدمة ، كالرأس والعنق والذراعين والقدمين ، على نحو ما ذكرنا في مسألة المحارم .
وذكر أهل العلم أن عورة المرأة أمام محارمها كالأب والأخ وابن الأخ هي بدنها كله إلا ما يظهر غالبا كالوجه والشعر والرقبة والذراعين والقدمين ، قال الله تعالى : ( وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ ) النور/31 .
فأباح الله تعالى للمرأة أن تبدي زينتها أمام بعلها ( زوجها ) ومحارمها ، والمقصود بالزينة مواضعها ، فالخاتم موضعه الكف ، والسوار موضعه الذراع ، والقرط موضعه الأذن ، والقلادة موضعها العنق والصدر ، والخلخال موضعه الساق .
قال أبو بكر الجصاص رحمه الله في تفسيره : " ظاهره يقتضي إباحة إبداء الزينة للزوج ولمن ذكر معه من الآباء وغيرهم ، ومعلوم أن المراد موضع الزينة وهو الوجه واليد والذراع ...فاقتضى ذلك إباحة النظر للمذكورين في الآية إلى هذه المواضع ، وهي مواضع الزينة الباطنة ؛ لأنه خص في أول الآية إباحة الزينة الظاهرة للأجنبيين ، وأباح للزوج وذوي المحارم النظر إلى الزينة الباطنة . وروي عن ابن مسعود والزبير : القرط والقلادة والسوار والخلخال ...
وقد سوى في ذلك بين الزوج وبين من ذكر معه ، فاقتضى عمومه إباحة النظر إلى مواضع الزينة لهؤلاء المذكورين كما اقتضى إباحتها للزوج " انتهى .
وقال البغوي رحمه الله في تفسير: " قوله تعالى : ( ولا يبدين زينتهن ) أي لا يظهرن زينتهن لغير محرم ، وأراد بها الزينة الخفية ، وهما زينتان خفية وظاهرة ، فالخفية : مثل الخلخال ، والخضاب في الرِّجْل ، والسوار في المعصم ، والقرط والقلائد ، فلا يجوز لها إظهارها ، ولا للأجنبي النظر إليها ، والمراد من الزينة موضع الزينة " انتهى .
وقال صاحب "كشاف القناع" (5/11) : " ولرجل أيضا نظر وجه ورقبة ويد وقدم ورأس وساق ذات محارمه . قال القاضي على هذه الرواية : يباح ما يظهر غالبا كالرأس واليدين إلى المرفقين " انتهى .
وهؤلاء المحارم متفاوتون في القرب وأمن الفتنة ، ولهذا تبدي المرأة لأبيها ما لا تبديه لولد زوجها، قال القرطبي رحمه الله : " لما ذكر الله تعالى الأزواج وبدأ بهم ثنّى بذوي المحارم وسوى بينهم في إبداء الزينة ، ولكن تختلف مراتبهم بحسب ما في نفوس البشر ، فلا مرية أن كشف الأب والأخ على المرأة أحوط من كشف ولد زوجها . وتختلف مراتب ما يُبدى لهم ، فيبدى للأب ما لا يجوز إبداؤه لولد الزوج " انتهى .
نسأل الله لنا ولكن التوفيق والسداد .والله  تعالى أعلم بالصواب وإليه المرجع والمآب..


الثلاثاء، 3 أكتوبر 2017

تعليقاً على جريمة صيدا ....القتل الحرام

بقلم/ الشيخ جمال الدين شبيب

ماجرى في مدينتنا الحبيبة صيدا مؤخراً من قتل متعمد للأبرياء واستباحة للمدينة وتخريب واعتداء على الممتلكات وترويع الآمنين أمر لا يستهان به أبداً. لأن هذه الظاهرة السيئة استسهال ازهاق الأرواح والبغي والعدوان والتفلت من العقاب أصبح ظاهرة شائعة في أكثر من منطقة. ولعل السبب الأهم وراء تفشي هذه الظاهرة البشعة هو ضعف الوازع الديني والاكتفاء من الايمان بالمظاهر أما السرائر فلا تنقاد لقانون الإيمان بل تتحكم بها الغرائز.
لأن كل مؤمن ومسلم يعلم من الدين بالضرورة أن القتل المتعمد وإزهاق الأرواح البريئة محرم في الشرع فالله توعد القائل للمؤمن البريء بالخلود في النار.
قال الله تعالى (وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا) [سورة النساء ـ الآية 93]
وقد قرن الله في كتابه الكريم بين جريمة الكفر وجريمة القتل فقال (وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا) [سورة الفرقان ـ الآية 68]
ونهى سبحانه عن قتل النفس المعصومة البريئة وحفظ حق أولياء الدم بالقصاص من القاتل على يد الحاكم الشرعي والدولة دون إسراف أوتجاوز للحق (وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَمَن قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلاَ يُسْرِف فِّي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا) [سورة الاسراء ـ الآية 33]
والنبي عليه الصلاة والسلام جعل المشارك في الجريمة والمتدخل فيها متحملاُ في الدنيا الآخرة وزر المرتكب ومعاقباً معه على السواء.
عن أبي سعيد وأبي هريرة، عن رسول الله (ص) قال: (لو أن أهل السماء وأهل الارض اشتركوا في دم مؤمن لأكبهم الله في النار) رواه الترمذي.
وحذر النبي (ص) من خطورة القتل بغير حق وجعل الاعتداء على نفس بريئة بالقتل كالاعتداء العام على البشرية جمعاء .عن البراء بن عازب عن رسول الله (ص): (لزوال الدنيا أهون على الله من قتل مؤمن بغير حق) رواه ابن ماجه بإسناد حسن، ورواه البيهقي والاصبهاني وزاد فيه: (ولو ان اهل سمواته واهل ارضه اشتركوا في دم مؤمن لادخلهم الله النار).
ولم يسمح الاسلام للإنسان حتى بأن يعتدي على نفسه بالقتل لأنه ليس مالكاً لها ولا متصرف فيها لأن الأمر كله لله .روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة: ان الرسول (ص) قال: (من تردَّى من جبل فقتل نفسه فهو في نار جهنم يتردَّى فيها خالداً مخلداً أبداً ، ومن تحسَّى سُمّاً نفسه فسُمّه في يده يتحساه في نار جهنم خالداً مخلداً فيها ابداً).
ولم يسمح بقتل المخالف في العقيدة المستأمن في بلاد المسلمين وتوعد الفاعل بالنار والحرمان من الجنة فعن عبدالله ابن عمرو عن رسول الله (ص) قال: (من قتل معاهداً لم يرح رائجة الجنة) رواه البخاري والنسائي، (من قتل رجلاً من أهل الذمة لم يجد ريح الجنة وإن ريحها ليوجد من مسيرة سبعين عاماً) (من قتل نفساً معاهدة بغير حلها حرم الله عليه الجنة أن يشم ريحها).
ومما تقم يتبين أن عظم الإسلام من حرمة الانسان المؤمن، فحرم أذيته وجعل لنفسه وأهله وماله الحصانة التي تمنع من التعدي عليه.وعليه فإن جريمة القتل من أبشع الجرائم ومن أكبر الكبائر.
كما عدها رسول الله (ص)عن أبي هريرة عن رسول الله (ص) قال: (اجتنبوا السبع الموبقات. قالوا يا رسول الله وما هن؟ قال: (الشرك بالله والسحر وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق وأكل الربا وأكل مال اليتيم والتولي يوم الزحف وقذف المحصنات الغافلات) رواه البخاري (6465)
فليحذر كل إنسان وليتفكر قبل التهور والاعتداد بالقوة والعشيرة فإن الدنيا فانية وعند الله تجتمع الخصوم.وأحر التعازي لأسر الضحايا الأبرياء تغندهم الله بواسع رحمته ودعاؤنا للجرحى بالشفاء العاجل.ولاحول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.


السبت، 30 سبتمبر 2017

الهجرة ذكرى وعبرة

إعداد/ الشيخ جمال الدين شبيب

تحل علينا في هذه الأيام السنة الهجرية الجديدة، وتتجدد بحلولها ذكرى هجرة المؤمنين وعلى رأسهم رسول الله (ص)من مكة إلى
 المدينة، هذا الحدث العظيم الذي فصل بين مرحلتين مهمتين في تاريخ الدعوة الإسلامية وأسس لبناء مجتمع جديد بمفاهيم جديدة.
ونحن نستعيد هذه الذكرى ونستحضر تفاصيل الحدث يلزمنا أن نستقرئ النصوص التي موضوعها الهجرة والنصرة لنقف على معانيها وحقيقتها وأبعادها، ونجعلها عبرة نعتبر بها في يومنا وإن بعد الزمن بيننا باعتبار أن الهجرة والنصرة ليستا حركتين تاريخيتين انتهتا ولكن الهجرة والنصرة معناهما عام ومستمر صالح لأن يطبق في كل مكان وزمان. إذ أن معاني القرآن غير متناهية.
في القرآن الكريم نجد الله أثنى على المهاجرين والأنصار وأظهر لنا الأعمال التي قدموها وأهلتهم لهذا المقام، أما المهاجرون المؤمنون من مكة فقد خرجوا من ديارهم وبيوتهم تاركين أموالهم وتجارتهم ومصادر عيشهم وأمتعتهم فرارا بدينهم بعد أن اشتد البلاء عليهم من طرف المشركين الذين أفرطوا في القتل والتعذيب والإيذاء والاستهزاء والسخرية، وقابلوا ذلك بصبر ثابت وعزم عنيد على مواجهة عناء الهجرة ومتاعبها وأخطار طريقها ليسلم لهم دينهم الذي ارتضوه، ونذروا حياتهم في سبيل الله و نصرة رسول الله ساعة العسرة فكانوا من السابقين الأولين، أولئك هم المقربون.
وفي الطرف الآخر نجد الأنصار الذين استجابوا لدعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم وآووه وحموه مما يحمون منه ذريتهم ونسائهم، فالنصرة ولاية وإيواء وبذل وعطاء واستعلاء فوق طمع النفوس وشحها قال تعالى: ( والذين تبوؤوا الدار والإيمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا ويوثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون) الحشر9
وكان الجزاء من جنس العمل رزقهم الله رزقا كريما حسنا ووجدوا في الأرض مراغما كثيرا وسعة وبوأهم في الدنيا حسنة وأجر الآخرة أكبر.
 شهد الله لهم بالإيمان الحق وقال عنهم:( والذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله والذين آووا ونصروا أولئك المؤمنون حقا لهم مغفرة ورزق كريم) الأنفال 75، كفر عنهم سيئاتهم وغفر لهم وتاب عليهم ورضي عنهم وبشرهم بالرحمة وأدخلهم جنات لهم فيها نعيم مقيم ورفع لهم الدرجات.
وما الذي يطمع فيه العبد من ربه أكثر من ذلك؟ لقد فازوا بالسبق وحق لهم، فهل لنا من نصيب؟.
يقول الله تعالى: ( والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه وأعد لهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا ذلك الفوز العظيم) التوبة 117
فهنيئا للمهاجرين والأنصار..
وهنيئا لأمة الإسلام هذه الذكرى العطرة.
وكل عامة وأمة الإسلام بخير وأمن وسلام.

الإمام الحسين .. ريحانة رسول الله (ص)

إعداد / الشيخ جمال الدين شبيب
ولد الإمام الحسين رضي الله عنه في الخامس من شعبان في السنة الرابعة للهجرة في المدينة المنورة.
 روي ان الحسين عندما ولد سر به جده صلى الله عليه وسلم سروراً عظيماً وذهب إلى بيت الزهراء رضي الله عنها وحمل الطفل ثم قال: ماذا سميتم ابني؟ قالوا: حرباً فسماه الرسول صلى الله عليه وسلم حسيناً.
أدرك الإمام الحسين رضي الله عنه ست سنوات وسبعة أشهر وسبعة أيام من عصر النبوة حيث كان فيها موضع الحب والحنان من الرحمة المهداة صلى الله عليه وسلم فكان النبي صلى الله عليه وسلم كثيراً ما يداعبه و يضمه و يقبله.
وكان صلى الله عليه وسلم يلقاه في الطرقات مع بعض لداته فيتقدم الرسول صلى الله عليه وسلم أمام القوم ويبسط للغلام يديه والغلام يفر هنا وهاهنا والرسول صلى الله عليه وسلم يمازحه ويضاحكه ثم يأخذه فيضع إحدى يديه تحت قفاه والأخرى تحت ذقنه ويقبله وهو يقول صلى الله عليه وسلم: "حسين مني وأنا من حسين".
وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يدخل في صلاته حتى إذا سجد جاء الحسين فركب ظهره وكان صلى الله عليه وسلم يطيل السجدة فيسأله بعض أصحابه انك يا رسول الله سجدت سجدة بين ظهراني صلاتك أطلتها حتى ظننا انه قد حدث أمر او انه يوحى إليك فيقول النبي صلى الله عليه وسلم: (كل ذلك لم يكن ولكن ابني ارتحلني فكرهت أن أعجله حتى يقضي حاجته).
كان الإمام الحسين مازال صغيراً عندما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلمثم ماتت أمه الزهراء رضي الله عنها وارضاها.
عندما بويع ذو النورين عثمان بن عفان رضي الله عنه بالخلافة كان الإمام الحسين قد تجاوز العشرين من عمره. وقد كان رضي الله عنه عابداً، زاهداً، عالماً، شجاعاً وحكيماً وسخياً.
كان الإمام الحسين رضي الله عنه في طليعة الجيش الذي سار لفتح طبرستان بقيادة سعد بن أبى وقاص وقاتل رضي الله عنه في موقعة الجمل وموقعة صفين وقاتل الخوارج وتنقل مع جيوش المسلمين لفتح افريقيا وغزو جرجان وقسطنطينية ويؤكد المؤرخون أن الإمام الحسين زار مصر في عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه مع جيش الفتح الإسلامي.
وضع الإمام الحسين نصب عينيه نصيحة أبيه علي بن أبي طالب رضي الله عنه عندما أوصاه والإمام الحسن قبل وفاته قائلاً: (أوصيكما بتقوى الله ولا تطلبا الدنيا وإن طلبتكما ولا تأسفا على شئ منها زوي عنكما افعلا الخير وكونا للظالم خصماً وللمظلوم عوناً).
بعد وفاة الخليفة الأموي معاوية في نصف رجب سنة ستين، وومبايعة الناس ليزيد بن ، كتب يزيد للوليد ابن عتبة مع عبد الله بن عمرو بن أويس العامري، وهو على المدينة: (أن ادعُ الناس، فبايعهـم وابدأ بوجوه قريـش، وليكن أول من تبدأ به الحسين بن عليّ، فإن أمير المؤمنين رحمه الله عهد إليّ في أمره للرفق به واستصلاحه). فبعث الوليد من ساعته نصف الليل إلى الحسين بن علي، وعبد الله بن الزبير، فأخبرهما بوفاة معاوية، ودعاهما إلى البيعة ليزيد، فقالا: (نصبح وننظر ما يصنع الناس).
ولكن الإمام الحسين لم يقبل أن تتحول الخلافة الإسلامية إلى ارث وأبى أن يكون على رأس الإسلام فتى فاسق ظالم كيزيد ابن معاوية فرفض أن يبايعه ولم يعترف به.
وقد التقى الوليد بالحسين رضي الله عنه وطلب منه البيعة ليزيد فرفض الحسين بينما ذهب عبد الله بن الزبير إلى مكة لاجئاً إلي بيت الله الحرام وبايع هناك عبد الله بن عمر رضي الله عنه.
وفي المدينة بعد أن رفض الحسين رضي الله عنه مبايعة يزيد ذهب مروان ابن الحكم شيخ الامويين إلى الوليد ولامه لأنه أذن للحسين بالانصراف من مجلسه ولم يشدد عليه ولم يحبسه (حتى يبايع او تضرب عنقه)
وهنا يقول الحسين لمروان: (أأنت تضرب عنقي؟) ثم التفت إلى الوليد وقال:
(يا أمير إنا أهل بيت النبوة ومعدن الرسالة بنا فتح الله وبنا ختم ويزيد فاسق فاجر شارب خمر قاتل النفس المحرمة معلن بالفسوق والفجور ومثلي لا يبايع مثله).
وخرج الإمام الحسين رضي الله عنه إلى مكة وعرف الناس موقفه ورفضه بيعة يزيد وهنا تتقاطر عليه الرسل من المسلمين عامة وأهل الكوفة خاصة يبايعون الحسين بالخلافة وشدد أهل الكوفة على الإمام الحسين رضي الله عنه أن يأتي
إليهم ويعدوه أن يناصره ويقاتلوا معه.
وهنا اعتزم الإمام الحسين رضي الله عنه أن يخرج إلى الكوفة بعد أن مكث فيمكة المكرمة أربعة اشهر. واستشار الإمام الحسين رضي الله عنه أصحابه فحاولوا أن يثنوه عن عزمه وقال له ابن الزبير رضي الله عنهما (لو أقمت بالحجاز ثم أردت هذا الأمر – يعني الخلافة - هنا لما خالفناك وإنما ساعدناك وبايعناك ونصحناك). فأجاب حفيد رسول الله قائلاً: (إن أبى حدثني أن لها – أي مكة المكرمة - كبشاً تستحل به حرمتها فما أحب أن أكون هذا الكبش). وقبل أن يخرج رضي الله عنه إلى الكوفة أرسل ابن عمه مسلم ابن عقيل ليمهد له ويتحاور مع أهل الكوفة ويرى إن كانوا جادين في نصرته رضي الله عنه فأرسل إليه ابن عقيل يدعوه إلى المجيء إلى الكوفة فصمم الإمام على المسير إلى الكوفة .
 علم جواسيس يزيد بأمر مسلم ابن عقيل فغير والي الكوفة النعمان بن بشير ليأتي بدلاً منه عبد الله بن زياد وتضم البصرة إليه وقد كان عبد الله بن زياد من أم مجوسية تدعى مرجانة وكان ألكن اللسان وهو من أعوان يزيد الذين قال عنهم العقاد في كتابه (أبو الشهداء الحسين بن علي): جلادين وكلاب طراد في صيد كبير.
وقد استخدم عبد الله بن زياد في أهل الكوفة صنوف التعذيب والإرهاب والقتل والصلب حتى انفضوا عن مسلم بن عقيل وحاول مسلم تحذير الإمام الحسين رضي الله عنه ولكن أعوان ابن زياد قبضت على الرسل ولم تصل الرسالة إلى الإمام الحسين رضي الله عنه.ثم قبض على مسلم وقتل في قصر ابن زياد في التاسع من
ذي الحجة عام 60 هـ.
وسار الإمام الحسين إلى الكوفة ومعه 72 او 82 من الجند فلقي ألف فارس يتقدمهم الحر بن يزيد الرياحي الذي بعث به ابن زياد بتعليمات محددة وهي أن يصاحب الإمام الحسين إلى الكوفة ولا يقتله فان أبى فليأخذ طريقاً لا يقدمه الكوفة ولا يرده إلى المدينة.
وحذّر الحرّ الإمام الحسين من قتال ابن زياد. وانطلق الركبين وأثناء ذلك أرسل ابن زياد إلى الحر يأمره ألا ينزل ركب الحسين رضي الله عنه إلا بالعراء في غير حصن وعلى غير ماء فأشار بعض أصحاب الحسين رضي الله عنه عليه بالقتال ولكنه رضي الله عنه رفض أن يبدأهم بقتال. وحين وصل الركب إلى كربلاء استشعر الحر بن يزيد ان المراد قتل الحسين رضي الله عنه فترك الحر الجيش وذهب إلى الإمام الحسين رضي الله عنه قائلاً:
(جعلت فداك يا ابن رسول الله أنا صاحبك منعتك من الرجوع وجعجعت بك في هذا المكان وما ظننت القوم يردون عليك ما عرضته عليهم ووالله لو علمت انهم ينتهون بك إلى ما أرى ما ركبت مثل الذي ركبت وإني تائب إلى الله مما صنعت فهل ترى لي من توبة؟ " فقبل الحسين عذره".
وقد قاتل الحر رضي الله عنه مع الإمام الحسين رضي الله عنه حتى استشهد في العاشر من المحرم سنة 61 هـ.
وقد ترددت روايات كثيرة حول رأس الإمام الحسين رضي الله عنه فمنهم من قال انها دفنت بالبقيع عند قبر السيدة فاطمة ومنهم من قال بدمشق ومنهم من قال بالقاهرة بمصر وترى الدكتورة سعاد ماهر أن أقوى الآراء هو الذي يقول أن الرأس طيف به في الأمصار الإسلامية حتى وصل إلى عسقلان ثم تقدم الصالح طلائع وزير الفاطميين بمصر فدفع 30 ألف درهم واسترد الرأس الشريف ونقله إلى القاهرة ويؤيد  أن الرأس بالقاهرة ابن كثير وابن خاكان وابن بطوطة والكثيرون.
رحم الله الإمام الحسين رضي الله عنه حفيد سيد الخلق صلى الله عليه وسلمgالذي ضرب لنا المثل في من يدافع عن قضية حق ويدفع حياته ثمناً لمبدأ حق رضي الله عنه وأرضاه.