بالاستناد إلى أحدث الدراسات الأسرية وسجلات المحاكم الشرعية في لبنان يتبين أن تدخل الأهل في الحياة الزوجية خلال السنوات الخمس الأولى من الزواج يعتبر من الأسباب الرئيسة المؤدية إلى الطلاق، وذلك لأن المشاكل
الزوجية غالبا ما تنجم بين الطرفين حين يتدخل أحد بينهما، وبدلا من أن يجد كل منهما الحل، تتفاقم المشكلة لتنتهي في أحيان كثيرة إلى طريق مسدود.
وتشير هذه الدراسات إلى أن تدخل الأقارب في شئون الأزواج مشكلة حقيقية،لأن كل من الزوجين ينحاز لأهله، والخطر أن يصل الأمر إلى أن تتخذ والدة أحد الزوجين «الحماة» موقف العدو الذي يقف بالمرصاد، فتتصيد الأخطاء
وتستغلها في سبيل تعكير صفو الحياة.
وربما يعتقد الأهل أن تدخلهم في حياة الزوجين ـ من وجهة نظرهم ـ يأتي من باب الحرص عليهما، ولكن سرعان ما تتفاقم الأمور لتصل إلى خلافات بين الزوجين والأهل.
ومن أهم الأسباب التي تجعل حياة الزوجين عرضة لتدخل الأهل في الحياة الزوجية، حالة الابن الوحيد واعتماده على والديه إقتصاديا، وحالة السكن مع أهل الزوج في منزل واحد مشترك، وكذلك الشخصية الضعيفة لدى كل من الزوج
أو الزوجة، وشعور الآباء بالوحدة والفراغ بعد زواج الأبناء، وخوفهم من فقدان أهميتهم فى حياة الأبناء، بالإضافة إلى لجوء الزوجين إلى الأهل فورحدوث أى مشكلة، نتيجة لضعف التواصل بينهما واحتياجهما إلى طرف ثالث ليحل
لهما مشاكلهما بالإضافة إلى عدم انتباه الآباء إلى احتياج الزوجين الجدد إلى الاستقلالية.
والزوجة الذكية الواعية هى التى تحرص على عدم إشراك أي طرف فيما بينها وبين زوجها، خاصة والديها، واحتواء الخلاف القائم بينهما خلال يوم أو يومين على الأكثر تأسيسا للمحبة والرحمة القائم عليها الزواج.
وقد يلجأ الكثير من الأزواج للحديث عن حياتهما الزوجية، والبوح بأسرار بيوتهم وكشف الغطاء عن خصوصياتهم للأقارب أو الأصدقاء حتى تتحول الأسرار الزوجية إلى نشرة أخبار، ويتم انتهاك خصوصية هذه العلاقة على يد أحد
طرفيها سواء كان الزوج أو الزوجة، الأمر الذي يهدد كيان الأسرة وينذر بهدمها، في حالة اكتشاف أحد الزوجين ما فعله الطرف الآخر، وحينها لن يجني من إفشاء الأسرار إلا الحسرة والندم، ولكن بعد فوات الأوان، وقد وردت فى
إحدى الدراسات أن نشر الأسرار الخاصة بين الزوجين يشكل 80% ـ 90% من
الأسباب المؤدية للطلاق وخراب البيوت. ومن أخطر ما يهدد أمن وسلامة الحياة الزوجية استسلام الزوجين أو أحدهما
لتدخلات الغير ما يؤدي إلى ضياع خصوصية الحياة الزوجية، ونمو الجفاء بين الزوجين، وتضخم المشاكل لتدخل الآخرين عن طريق تحريض أحد الطرفين ضد الآخر، وحدوث الخلافات مع الأهل وتوتر العلاقة معهم، وقد يصل الأمر إلى القطيعة، أو انهيار الحياة الزوجية وحدوث الطلاق.
كيف نتخلص من تدخلات الأهل؟ الجواب ببساطة ، لا بد من الحديث مع زوجك عن دور الأهل فى حياتكما حتى تتأكدى أنكما متفقان على المجالات المسموح وغيرالمسموح للأهل بالتدخل فيها، لا بد من وضع الحدود. دون أن ننسى أهمية إبداء التقدير والاهتمام بالأهل من خلال الزيارات، والمكالمات، والهدايا،وقضاء حوائجهم حسب ماتسمح به الظروف. ولابأس من استشارتهم بما لا يمس خصوصية الزوجين، فهذا الأمر سيمنحهم السعادة وسيطمئنهم أنه مازال لهم مكانة فى حياة الأبناء.
كذلك يجب الحرص على الاستقلال المادى عن الأهل والتكيف فى حدود القدرات المالية للزوجين، مع ضرورة تعلم كيفية الإجابة على الأسئلة التى لا تريدين أن تجيبى عنها بطريقة دبلوماسية، ويكون ذلك إما بتغيير الموضوع أو
بالرد بكلام عام يفهم بأكثر من معنى، والاستماع إلى آراء الآباء باحترام،
ثم اتخاذ الزوجين القرار المناسب لهما، وعدم السماح للأهل بالتحدث عن الآخر بشكل غير لائق.
كذلك يجب أن يدرك الزوج أنه من حسن عشرة الزوج لزوجته إحسانه إلى أهلها، وأن يعينها على بر والديها وصلة أرحامها، ولا يجوز له أن يمنع زوجته من بر والديها وصلة أرحامها، ولكن في المقابل على أهل الزوجة أن يعلموا أنه
بمجرد زواج ابنتهم فقد أصبح لها حياة مستقلة مع زوجها، لا يحق لأحد أنيتدخل فيها لأن زوجها قد صار أولى بها منهم قال ابن تيمية رحمه الله في الفتاوى: المرأة إذا تزوجت كان زوجها أملك بها من أبويها،
وطاعة زوجها عليها أوجب. انتهى.
وإذا كان من حقهم أن يتفقدوا ابنتهم ويطمئنوا على أحوالها فلا بد أن يكون ذلك في حدود المعروف، وبما يحقق لها مصالح الدين والدنيا، ويعين على دوام الألفة بينها وبين زوجها، أما أن ينصبوا أنفسهم أوصياء على الزوجة،
يرسمون لها حياتها وفق ما يريدون، متجاهلين بذلك حق زوجها في القوامة، وحق الزوجين في حياة مستقلة، فإن ذلك لا يجوز وهو من مساوئ الطباع ومذموم الأخلاق، وهو دليل على ضعف العقل وغياب الحكمة.
فإذا أضيف إلى ذلك تخبيب (إفساد) الزوجة على زوجها وتحريضها على طلب الطلاق منه، فإن ذلك ظلم واضح وفساد ظاهر وإثم مبين، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ليس منا من خبب امرأةعلى زوجها أو عبدا على سيده. رواه أبو داود.
وإذا وصل الحال إلى هذا فإن من حق الزوج أن يحافظ على زوجته من الإفساد بما يراه مناسبا فله منعها من زيارتهم إذا تأكد أن فيها مفسدة، بل له أن يمنعهم من زيارتها إذا اقتضت المصلحة، قال المرداوي في ذلك: الصواب في
ذلك إن عرف بقرائن الحال أنه يحدث بزيارتهما أو أحدهما له ضرر فله المنع وإلا فلا. انتهى.
والذي ننصح به في هذا المقام، أن يحفظ الزوج زوجته، وأن تعفو عن أهلها ما استطاع، وأن يحاول تأليف قلوبهم بالصفح تارة وبالتغافل تارة وبالإحسان تارة أخرى، ولا يجب عليه الاستجابة لهم فيما يريدون من تسلط عليه ووصاية
على أسرته.
فإذا استمرت الأمور على ذلك فوسط بينك وبينهم من يملك التأثير عليهم من أهل الخير والعلم ليعلمهم بقبح هذا المسلك وعواقبه الوخيمة، فإن لم ينزجروا فلك أن تهجرهم بالقدر الذي يدفع عنك شرهم وأذاهم، ويكتفى بالسؤال
عنهم بالهاتف ونحوه مما لا يكون معه مخالطة، فقد قال ابن عبد البر رحمه الله: أجمعوا على أنه يجوز الهجر فوق ثلاث لمن كانت مكالمته تجلب نقصا على المخاطب في دينه أو مضرة تحصل عليه في نفسه أو دنياه فرب هجر جميل خير من مخالطة مؤذية. انتهى.
والله تعالى أعلم
الزوجية غالبا ما تنجم بين الطرفين حين يتدخل أحد بينهما، وبدلا من أن يجد كل منهما الحل، تتفاقم المشكلة لتنتهي في أحيان كثيرة إلى طريق مسدود.
وتشير هذه الدراسات إلى أن تدخل الأقارب في شئون الأزواج مشكلة حقيقية،لأن كل من الزوجين ينحاز لأهله، والخطر أن يصل الأمر إلى أن تتخذ والدة أحد الزوجين «الحماة» موقف العدو الذي يقف بالمرصاد، فتتصيد الأخطاء
وتستغلها في سبيل تعكير صفو الحياة.
وربما يعتقد الأهل أن تدخلهم في حياة الزوجين ـ من وجهة نظرهم ـ يأتي من باب الحرص عليهما، ولكن سرعان ما تتفاقم الأمور لتصل إلى خلافات بين الزوجين والأهل.
ومن أهم الأسباب التي تجعل حياة الزوجين عرضة لتدخل الأهل في الحياة الزوجية، حالة الابن الوحيد واعتماده على والديه إقتصاديا، وحالة السكن مع أهل الزوج في منزل واحد مشترك، وكذلك الشخصية الضعيفة لدى كل من الزوج
أو الزوجة، وشعور الآباء بالوحدة والفراغ بعد زواج الأبناء، وخوفهم من فقدان أهميتهم فى حياة الأبناء، بالإضافة إلى لجوء الزوجين إلى الأهل فورحدوث أى مشكلة، نتيجة لضعف التواصل بينهما واحتياجهما إلى طرف ثالث ليحل
لهما مشاكلهما بالإضافة إلى عدم انتباه الآباء إلى احتياج الزوجين الجدد إلى الاستقلالية.
والزوجة الذكية الواعية هى التى تحرص على عدم إشراك أي طرف فيما بينها وبين زوجها، خاصة والديها، واحتواء الخلاف القائم بينهما خلال يوم أو يومين على الأكثر تأسيسا للمحبة والرحمة القائم عليها الزواج.
وقد يلجأ الكثير من الأزواج للحديث عن حياتهما الزوجية، والبوح بأسرار بيوتهم وكشف الغطاء عن خصوصياتهم للأقارب أو الأصدقاء حتى تتحول الأسرار الزوجية إلى نشرة أخبار، ويتم انتهاك خصوصية هذه العلاقة على يد أحد
طرفيها سواء كان الزوج أو الزوجة، الأمر الذي يهدد كيان الأسرة وينذر بهدمها، في حالة اكتشاف أحد الزوجين ما فعله الطرف الآخر، وحينها لن يجني من إفشاء الأسرار إلا الحسرة والندم، ولكن بعد فوات الأوان، وقد وردت فى
إحدى الدراسات أن نشر الأسرار الخاصة بين الزوجين يشكل 80% ـ 90% من
الأسباب المؤدية للطلاق وخراب البيوت. ومن أخطر ما يهدد أمن وسلامة الحياة الزوجية استسلام الزوجين أو أحدهما
لتدخلات الغير ما يؤدي إلى ضياع خصوصية الحياة الزوجية، ونمو الجفاء بين الزوجين، وتضخم المشاكل لتدخل الآخرين عن طريق تحريض أحد الطرفين ضد الآخر، وحدوث الخلافات مع الأهل وتوتر العلاقة معهم، وقد يصل الأمر إلى القطيعة، أو انهيار الحياة الزوجية وحدوث الطلاق.
كيف نتخلص من تدخلات الأهل؟ الجواب ببساطة ، لا بد من الحديث مع زوجك عن دور الأهل فى حياتكما حتى تتأكدى أنكما متفقان على المجالات المسموح وغيرالمسموح للأهل بالتدخل فيها، لا بد من وضع الحدود. دون أن ننسى أهمية إبداء التقدير والاهتمام بالأهل من خلال الزيارات، والمكالمات، والهدايا،وقضاء حوائجهم حسب ماتسمح به الظروف. ولابأس من استشارتهم بما لا يمس خصوصية الزوجين، فهذا الأمر سيمنحهم السعادة وسيطمئنهم أنه مازال لهم مكانة فى حياة الأبناء.
كذلك يجب الحرص على الاستقلال المادى عن الأهل والتكيف فى حدود القدرات المالية للزوجين، مع ضرورة تعلم كيفية الإجابة على الأسئلة التى لا تريدين أن تجيبى عنها بطريقة دبلوماسية، ويكون ذلك إما بتغيير الموضوع أو
بالرد بكلام عام يفهم بأكثر من معنى، والاستماع إلى آراء الآباء باحترام،
ثم اتخاذ الزوجين القرار المناسب لهما، وعدم السماح للأهل بالتحدث عن الآخر بشكل غير لائق.
كذلك يجب أن يدرك الزوج أنه من حسن عشرة الزوج لزوجته إحسانه إلى أهلها، وأن يعينها على بر والديها وصلة أرحامها، ولا يجوز له أن يمنع زوجته من بر والديها وصلة أرحامها، ولكن في المقابل على أهل الزوجة أن يعلموا أنه
بمجرد زواج ابنتهم فقد أصبح لها حياة مستقلة مع زوجها، لا يحق لأحد أنيتدخل فيها لأن زوجها قد صار أولى بها منهم قال ابن تيمية رحمه الله في الفتاوى: المرأة إذا تزوجت كان زوجها أملك بها من أبويها،
وطاعة زوجها عليها أوجب. انتهى.
وإذا كان من حقهم أن يتفقدوا ابنتهم ويطمئنوا على أحوالها فلا بد أن يكون ذلك في حدود المعروف، وبما يحقق لها مصالح الدين والدنيا، ويعين على دوام الألفة بينها وبين زوجها، أما أن ينصبوا أنفسهم أوصياء على الزوجة،
يرسمون لها حياتها وفق ما يريدون، متجاهلين بذلك حق زوجها في القوامة، وحق الزوجين في حياة مستقلة، فإن ذلك لا يجوز وهو من مساوئ الطباع ومذموم الأخلاق، وهو دليل على ضعف العقل وغياب الحكمة.
فإذا أضيف إلى ذلك تخبيب (إفساد) الزوجة على زوجها وتحريضها على طلب الطلاق منه، فإن ذلك ظلم واضح وفساد ظاهر وإثم مبين، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ليس منا من خبب امرأةعلى زوجها أو عبدا على سيده. رواه أبو داود.
وإذا وصل الحال إلى هذا فإن من حق الزوج أن يحافظ على زوجته من الإفساد بما يراه مناسبا فله منعها من زيارتهم إذا تأكد أن فيها مفسدة، بل له أن يمنعهم من زيارتها إذا اقتضت المصلحة، قال المرداوي في ذلك: الصواب في
ذلك إن عرف بقرائن الحال أنه يحدث بزيارتهما أو أحدهما له ضرر فله المنع وإلا فلا. انتهى.
والذي ننصح به في هذا المقام، أن يحفظ الزوج زوجته، وأن تعفو عن أهلها ما استطاع، وأن يحاول تأليف قلوبهم بالصفح تارة وبالتغافل تارة وبالإحسان تارة أخرى، ولا يجب عليه الاستجابة لهم فيما يريدون من تسلط عليه ووصاية
على أسرته.
فإذا استمرت الأمور على ذلك فوسط بينك وبينهم من يملك التأثير عليهم من أهل الخير والعلم ليعلمهم بقبح هذا المسلك وعواقبه الوخيمة، فإن لم ينزجروا فلك أن تهجرهم بالقدر الذي يدفع عنك شرهم وأذاهم، ويكتفى بالسؤال
عنهم بالهاتف ونحوه مما لا يكون معه مخالطة، فقد قال ابن عبد البر رحمه الله: أجمعوا على أنه يجوز الهجر فوق ثلاث لمن كانت مكالمته تجلب نقصا على المخاطب في دينه أو مضرة تحصل عليه في نفسه أو دنياه فرب هجر جميل خير من مخالطة مؤذية. انتهى.
والله تعالى أعلم
إعداد الشيخ جمال الدين شبيب
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق