إعداد/ الشيخ جمال الدين شبيب
الحب هو أجمل شعور خلقه الله ، وأصدق إحساس وضعه
الله في قلب الإنسان ، فكيف يكون حراماً، لقد حرم الله الزنا ، والفاحشة ، والرذيلة
، لكن الحب الطاهر الصادق الإنساني الذي لا يقود إلى الانجرار وراء الغرائز والرغبات
وارتكاب المعاصي هو أمر فطري وميل قلبي طبيعي، أما الميل الغرائزي الذي يقود للرذيلة
فالبطبع هو ليس بحب ، وإنما شهوة جسدية قد تكون عابرة .
لقد شرع الله الحب والمحبة وزرعها في نفوس الجنسين
الذكر والأنثى لتستمر البشرية ، وحض المسلمين على الزواج ، لأن الله تعالى خلق الإنسان
اجتماعيا ودوداً يعشق الحب والطمأنينة ، وحض على تربية الأبناء تربية حسنة مبنية على
الحب والاحترام ، وجعل بر الوالدين من أهم فرائض الإسلام ، والرفق بالمرأة والمسن والطفل
من واجبات الرجل ، فكيف يكون الحب حراما ؟
الحب هو ذلك الشعور الصادق والجميل الذي يملأ
القلب ، ويجعل الإنسان يشعر بأنه ممتلئ بالمودة والرحمة والسعادة والنوايا الحسنة ،
عندها يرى المرء في من يحبه شريك المستقبل ومفتاح بناء الأسرة المستقرة ، ورفيق الدرب
الذي يخاف عليه ويكد ويعمل من أجل إسعاده ويطلب في محبته أكمال نصف دينه ونيل رضا الله
ومغفرته وعفوه . وبهذا كله يكون الحب خير شعور ينبض في قلب الإنسان ولابد من أن يقربه
هذا الشعور من الله.
ولكن استغلال بعض الناس لهذه المشاعر الجميلة
والحسنة وتوظيفها في غير مكانها للحصول من ورائها على شهوات وإرضاء للغرائز بالحرام
، أو الانتفاع من ورائها ماديا ، يجعل الناس يتساءلون هل الحب حرام ؟؟
ومعهم حق لأن هذا الشعور الجميل يوظف في غير
مكانه ، وللأسف الكثير من الأشياء الحسنة والجميلة قد توظف في غير مكانها ، حتى الدين
جاء من يتاجر فيه ، ويتاجر باسم الله للحصول على مكتسبات دنيوية ، ولكن بالمقابل سيلاقون
جزاءهم من الله لأنهم شوهوا المفاهيم الجميلة، والسامية ، وجعلوا الناس تخاف منها.
والحب بين الزوجين أمر فطري وأساسي فوجود المودة
والرحمة بين الزوج وزوجها لا يرفضه الإسلام بل يطلبه ويدعو إليه لما ورد عَنْ عَائِشَةَ
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: (أَنَّ نساءَ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ كُنَّ
حِزْبَيْنِ: فحزبٌ فيهِ عائشةُ وحفصةُ وسودةُ، والحزبُ الآخرُ أمُّ سلمةَ وسائرُ نساءِ
رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ.
والمسلمونَ الأوائل قد تعلمواْ الحُبَّ من
حب رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ لأم المؤمنين السيدة عائشةَ، فإذا كانت عندَ
أحدهم هَدِيَّةً، يُريدُ أن يُهديها إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ أَخَّرَهَا،
حتى إذا كان رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ في بيتِ عائشةَ، بعَثَ صاحبُ الهديَّةِ
إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ في بيتِ عائشةَ.
حتى
تكلَّمَ حزبُ أمِّ سلمةَ ، فقُلْنَ لها: كلِّمِي رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ
يُكلِّمُ الناسَ، فيقولُ: من أرادَ أن يُهْدِي رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ
هديَّةً، فليُهدها إليهِ حيث كان من بيوتِ نسائِهِ، فكلَّمتْهُ أمُّ سلمةَ بما قُلْنَ
فلم يقلْ لها شيئًا، فسأَلْنَهَا، فقالت: ما قال لي شيئًا ، فقُلْنَ لها: فكلِّمِيهِ.
قالت: فكلَّمَتْهُ حينَ دارَ إليها أيضًا فلم
يقلْ لها شيئًا، فسأَلْنَها فقالت: ما قال لي شيئًا، فقُلْنَ لها: كلِّمِيهِ حتى يُكلِّمَكِ،
فدارَ إليها فكلَّمتْهُ، فقال لها: لا تُؤذيني في عائشةَ، فإنَّ الوَحْيَ لم يَأتني
وأنا في ثوبِ امرأةٍ إلَّا عائشةَ) [رواه البخاري].
فيا أيها الناس عيشوا مشاعر الحب الصادق وأتموها بالزواج
الحلال واسعدوا وكونوا أسراً ملؤها الحب والحنان . لينعم المجتمع كله بالمحب
والسعادة المبنية على الإيمان والنظافة والخلق القويم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق