رحل أبو بلال ..ألقى عصا الترحال عن كاهله المثقل بآلام الأمة وأمالها. ومضى الى ربه كما خلقه نظيفاً طاهراً من أدران السياسة، وانحراف الرؤية، واعوجاج الموقف.
ختم حياته المليئة بالمواقف الثابتة والمبادرات الشجاعة ، بأربع سنوات لخصت عملياً رؤيته الجامعة لعمل اسلامي أفنى فيه زهرة شبابه حتى غزاه الشيب والأجل.
ما يعرفه الكثيرون كونه رائداً ومؤسساً للعمل الإسلامي الحركي في لبنان ومفكراً إسلامياً من طراز نادر، قادراً على تبسيط المعضلات وإيضاح المبهمات، واختصار المطولات وتقريبها لأذهان الأجيال الشابة التي تربت على كتاباته المركزة من المحيط الى الخليج بل على امتداد العالم الإسلامي .
فلم ينحصر تأثير يكن على الساحة الإسلامية في لبنان، فالكتب التي ألّفها خلال مسيرته الطويلة كرّسته منظّراً للحركة الإسلامية، ورمزاً من رموز الإخوان المسلمين في العالم، خاصة أنّ هذه المؤلفات كانت تدرّس في حلقات وأسر الإخوان التنظيمية على رقعة انتشارهم في المعمورة.
لكن السنوات الأربع الأخيرة كانت حافلة فجماعته التي أسسها مع ثلة من إخوانه ، وأصدقاء عمره غادرته بعد خلاف مزمن.
هذا الخلاف أدّى فيما مضى إلى تخلّيه عن الأمانة العامة للجماعة عام 1970 وانتخاب الأمين العام الحالي الشيخ فيصل مولوي في هذا المنصب دون الإعلان عن ذلك. واستمر الشيخ مولوي في منصبه حتى عام 1972.
ليستعيد يكن دفة القيادة من جديد حتى عام 1993 بعد اختياره نائبا في المجلس النيابي إلى جانب نائبيْن آخريْن عن الجماعة الإسلامية أسعد هرموش وزهير العبيدي. وحينها فضّل التخلّي عن منصبه والتفرغ للعمل النيابي وإدارة كتلة الجماعة النيابية، فآلت الأمانة العامة من جديد للشيخ فيصل مولوي، وهو المنصب الذي مازال يشغله إلى اليوم.
استمر أداء يكن في الجماعة، وانتخب رئيسا لمجلس الشورى فيها أكثر من مرة، حتى عام 2005، وتحديداً بعد اغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري، وحينها حصل تباين في الرؤى.
فقيادة الجماعة ارتأت الانسحاب من الانتخابات النيابية ومقاطعتها انسجاماً مع التيار المتعاطف مع اغتيال الحريري. في حين اعتبر يكن أنه لا يجوز الانسحاب وترك الساحة للآخرين، وأصدر بياناً اعتبر فيه قرار الجماعة خاطئا، ليأخذ بعدها الخلاف منحى جديداً.
حيث بادر يكن بتشكيل "جبهة العمل الإسلامي" المؤلفة من مجموعات إسلامية عديدة، ليتعمق التباين في الآراء أكثر بينه وبين الجماعة الإسلامية، وتحديداً فيما يخص العلاقة مع كل من تيار المستقبل وسوريا والعلاقة مع المقاومة وحزب الله.
ففي مقابل تقارب الجماعة الإسلامية مع تيار المستقبل وقوى 14 آذار، اتجه يكن نحو التقارب مع سوريا وقوى الممانعة في لبنان وبادر الى دعم خط المقاومة الذي كان ومازال يشهد هجمة غير مسبوقة من التشويه والعزل.
كان يكن متألماً بشدة من تحالف <<الجماعة >> مع تيار المستقبل. لاعتقاده بأن تيار المستقبل يخدم بتوجهاته وممارسات حلفائه في قوى 14 آذار المصالح الغربية في لبنان. ويتحالف مع الولايات المتحدة ومحور الأنظمة العربية «المعتدلة» ضد معسكر المقاومة والممانعة المتمثل بسوريا وإيران وحماس وحزب الله والذي ارتبط يكن معه بتحالف قوي.
كان يكن متخوفاً من الدعوات التي تسعى لإبعاد السنة في لبنان عن مبادئهم وتاريخهم الجهادي،في مقاومة الهيمنة الأميركية والهجمة الاسرائيلية المستمرة ... تؤرقه كثيراً محاولات المساس بهوية لبنان العربية الممانعة ، ويخشى زجه في أتون الصراعات المذهبية التي لا تخدم إلا العدو الاسرائيلي ومخططاته للتفريق والتمزيق..
فدعا وعمل بقوة لجمع الشمل ورأب الصدع لهدف أساس لخصه في إعلان الجبهة بـ << العمل على الوحدة الوطنية والإسلامية وحماية المقاومة والوقوف في وجه أي محاولات لزرع بذور الفتنة المذهبية>>.
وكان يكن مدافعاً شرساً من أشد المنتقدين للقوى التي تسعى لتقويض دور حزب الله بوصفه حركة مقاومة ناجحة ومميزة وتستحق كل الدعم والمساندة.
.. رحل فتحي يكن رئيساً لجبهة العمل الاسلامي في لبنان التي لعبت دوراً محورياً في إسناد خط الممانعة والمقاومة ونجح وإخوانه في تجنيب الاحة السنية ويلات الفتن ونجح أيضاً في التصدي لمحاولات ارباك المقاومة وإيقاعها في مستنقع الفتن المذهبية.
في وقت غرق آخرون في المستنقع المذهبي ليس في الساحة السنية وحدها بل داخل ساحات الطوائف اللبنانية بلا استثناء.
قاد السفينة الى شاطىء الأمان .. لم تستفرد المقاومة. لم يسجل التاريخ أن سنة لبنان أجمعوا على ذبح المقاومة نصرة لخط الاعتدال العربي!
كان رجل الجماعة في حياته ومماته.. رفعه عشرات الآلاف من إخوانه في كل لبنان على أكفهم عزيزاً كريماً إلى مثواه الأخير ..عصر ذلك الأحد المبارك 21 جمادى الآخرة 1430 هـ 14/6/2009 م.
وكم سرني أن أرى في مقدمة الصفوف رفاق دربه في قيادة << الجماعة الاسلامية >> الذين اختلفوا معه بشدة دون أن يختلفوا يوماً عليه قائداً ومفكراً ومربياً فذاً من طراز عز مثيله..ولم يقصروا في حقه في ساعاته الأخيرة..
..ترى الى متى ستفرقنا الدروب وتجمعنا المصائب ..فتحي يكن يكفيك فخراً
أنك عشت مربياً ورحلت ممانعاً..!
ختم حياته المليئة بالمواقف الثابتة والمبادرات الشجاعة ، بأربع سنوات لخصت عملياً رؤيته الجامعة لعمل اسلامي أفنى فيه زهرة شبابه حتى غزاه الشيب والأجل.
ما يعرفه الكثيرون كونه رائداً ومؤسساً للعمل الإسلامي الحركي في لبنان ومفكراً إسلامياً من طراز نادر، قادراً على تبسيط المعضلات وإيضاح المبهمات، واختصار المطولات وتقريبها لأذهان الأجيال الشابة التي تربت على كتاباته المركزة من المحيط الى الخليج بل على امتداد العالم الإسلامي .
فلم ينحصر تأثير يكن على الساحة الإسلامية في لبنان، فالكتب التي ألّفها خلال مسيرته الطويلة كرّسته منظّراً للحركة الإسلامية، ورمزاً من رموز الإخوان المسلمين في العالم، خاصة أنّ هذه المؤلفات كانت تدرّس في حلقات وأسر الإخوان التنظيمية على رقعة انتشارهم في المعمورة.
لكن السنوات الأربع الأخيرة كانت حافلة فجماعته التي أسسها مع ثلة من إخوانه ، وأصدقاء عمره غادرته بعد خلاف مزمن.
هذا الخلاف أدّى فيما مضى إلى تخلّيه عن الأمانة العامة للجماعة عام 1970 وانتخاب الأمين العام الحالي الشيخ فيصل مولوي في هذا المنصب دون الإعلان عن ذلك. واستمر الشيخ مولوي في منصبه حتى عام 1972.
ليستعيد يكن دفة القيادة من جديد حتى عام 1993 بعد اختياره نائبا في المجلس النيابي إلى جانب نائبيْن آخريْن عن الجماعة الإسلامية أسعد هرموش وزهير العبيدي. وحينها فضّل التخلّي عن منصبه والتفرغ للعمل النيابي وإدارة كتلة الجماعة النيابية، فآلت الأمانة العامة من جديد للشيخ فيصل مولوي، وهو المنصب الذي مازال يشغله إلى اليوم.
استمر أداء يكن في الجماعة، وانتخب رئيسا لمجلس الشورى فيها أكثر من مرة، حتى عام 2005، وتحديداً بعد اغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري، وحينها حصل تباين في الرؤى.
فقيادة الجماعة ارتأت الانسحاب من الانتخابات النيابية ومقاطعتها انسجاماً مع التيار المتعاطف مع اغتيال الحريري. في حين اعتبر يكن أنه لا يجوز الانسحاب وترك الساحة للآخرين، وأصدر بياناً اعتبر فيه قرار الجماعة خاطئا، ليأخذ بعدها الخلاف منحى جديداً.
حيث بادر يكن بتشكيل "جبهة العمل الإسلامي" المؤلفة من مجموعات إسلامية عديدة، ليتعمق التباين في الآراء أكثر بينه وبين الجماعة الإسلامية، وتحديداً فيما يخص العلاقة مع كل من تيار المستقبل وسوريا والعلاقة مع المقاومة وحزب الله.
ففي مقابل تقارب الجماعة الإسلامية مع تيار المستقبل وقوى 14 آذار، اتجه يكن نحو التقارب مع سوريا وقوى الممانعة في لبنان وبادر الى دعم خط المقاومة الذي كان ومازال يشهد هجمة غير مسبوقة من التشويه والعزل.
كان يكن متألماً بشدة من تحالف <<الجماعة >> مع تيار المستقبل. لاعتقاده بأن تيار المستقبل يخدم بتوجهاته وممارسات حلفائه في قوى 14 آذار المصالح الغربية في لبنان. ويتحالف مع الولايات المتحدة ومحور الأنظمة العربية «المعتدلة» ضد معسكر المقاومة والممانعة المتمثل بسوريا وإيران وحماس وحزب الله والذي ارتبط يكن معه بتحالف قوي.
كان يكن متخوفاً من الدعوات التي تسعى لإبعاد السنة في لبنان عن مبادئهم وتاريخهم الجهادي،في مقاومة الهيمنة الأميركية والهجمة الاسرائيلية المستمرة ... تؤرقه كثيراً محاولات المساس بهوية لبنان العربية الممانعة ، ويخشى زجه في أتون الصراعات المذهبية التي لا تخدم إلا العدو الاسرائيلي ومخططاته للتفريق والتمزيق..
فدعا وعمل بقوة لجمع الشمل ورأب الصدع لهدف أساس لخصه في إعلان الجبهة بـ << العمل على الوحدة الوطنية والإسلامية وحماية المقاومة والوقوف في وجه أي محاولات لزرع بذور الفتنة المذهبية>>.
وكان يكن مدافعاً شرساً من أشد المنتقدين للقوى التي تسعى لتقويض دور حزب الله بوصفه حركة مقاومة ناجحة ومميزة وتستحق كل الدعم والمساندة.
.. رحل فتحي يكن رئيساً لجبهة العمل الاسلامي في لبنان التي لعبت دوراً محورياً في إسناد خط الممانعة والمقاومة ونجح وإخوانه في تجنيب الاحة السنية ويلات الفتن ونجح أيضاً في التصدي لمحاولات ارباك المقاومة وإيقاعها في مستنقع الفتن المذهبية.
في وقت غرق آخرون في المستنقع المذهبي ليس في الساحة السنية وحدها بل داخل ساحات الطوائف اللبنانية بلا استثناء.
قاد السفينة الى شاطىء الأمان .. لم تستفرد المقاومة. لم يسجل التاريخ أن سنة لبنان أجمعوا على ذبح المقاومة نصرة لخط الاعتدال العربي!
كان رجل الجماعة في حياته ومماته.. رفعه عشرات الآلاف من إخوانه في كل لبنان على أكفهم عزيزاً كريماً إلى مثواه الأخير ..عصر ذلك الأحد المبارك 21 جمادى الآخرة 1430 هـ 14/6/2009 م.
وكم سرني أن أرى في مقدمة الصفوف رفاق دربه في قيادة << الجماعة الاسلامية >> الذين اختلفوا معه بشدة دون أن يختلفوا يوماً عليه قائداً ومفكراً ومربياً فذاً من طراز عز مثيله..ولم يقصروا في حقه في ساعاته الأخيرة..
..ترى الى متى ستفرقنا الدروب وتجمعنا المصائب ..فتحي يكن يكفيك فخراً
أنك عشت مربياً ورحلت ممانعاً..!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق