الخميس، 13 مايو 2010

الاسلاميون وآليات "ادارة الأزمات"



بقلم /الشيخ جمال الدين شبيب


تعوّدت الحركة الاسلامية أن تمرّ بنعطفات حادّة وصعبة في الرأي أو الموقف أوالخيارات أو المسارات .. وعندما يدبّ الخلاف يخرج الود من الصف وتصبح القيادة عرضة للتشكيك والتخوين ..

أن تختلف القيادة والقاعدة في رأي أو موقف أو خيار أو مسار فهذا أمر طبيعي , كان الآل والاصحاب رضوان الله عليهم يعيشون مع رسول الله (ص) لكنهم لمحبتهم له وثقتهم به كانوا ينـزلزن عند أمره .. لأن الله أوكل الى القيادة أمر العزم والحزم فقال تعالى : ﴿ وشاورهم في الأمر فاذا عزمت فتوّكل على الله ﴾ أي امضي لما أراك الله من الحق ..
ولكننا بعد النبي (ص)لا يجوز أن ينفرد القائد برأي لا يقوم على المحبة والثقة ..والاّ فما نراه من أزمات تكاد تكون مستعصية على الحل في كثير من الاقطار أو بل هي ماثلة في واقعنا..

وخطأ القواعد أن يفلسفوا الأمور وما لا يفهمونه ليطرحوا مقولة تشكك في قيادتهم أو تسعى للتشويش على خياراتها ..وغالبا" ما تتسلل المصالح الذاتية لتتغلّب في نفوس بعض الضعفاء على مصلحة الجماعة وهنا تكمن المشكلة ..اتهام فتخوين فتساقط من قطار الدعوة ....

من هنا كان لا بدّ من وجود آاليات لادارة الأزمات عند الاسلاميين فهم كسواهم من الناس يختلفون ويفترقون وربما تقاطعوا وتدابروا "ولعن " آخرهم أوّلهم وهكذا تجري الحياة كلما جاءت أمـّّة لعنت اختها وأوّل هذه الآليات :

v أن الخلاف أمر طبيعي مركوز في فطرة البشر , حتى الابن يختلف مع أبيه والأم مع ابنتها ..وأسوأ خلاف في التاريخ كان خلاف الشيطان مع ربه ..الذي سمع منه وحاوره وأنظره ..فلماذا نبترم من الاختلاف ونشكك بمن يسير في دربه وهو أمر طبيعي ..حتى صحابة النبي (ص) كانوا يختلفون والأمثلة كثيرة لكنهم يسألون أهو الوحي أم الرأي .. فبعد الوحي لا كلام ولكن بعد الرأي هناك التدبير وتلاقح الاراء ..

v إدراك أهم الاسباب المؤدية للاختلاف وأهمها :
أ‌- ضعف الثقة بالقيادة .
ب‌- ابتعاد القيادة وانعزالها عن القاعدة وهمومها .
ت‌- اتباع الهوى وضعف الايمان .
ث‌- التعصب للرأي الحزبي والجماعة والتنظيم وتغليبه على الشرع .

v الاعتراف بوجود الاختلاف أو الخلاف..وللأسف فان بعض الاسلامييـن يعتبرها "عنـزة ولو طارت " حتى لو انفرط عقد التنظيم وطار خيـرة كوادره ورموزه ما دام من يتربع على عرش القرار ماكثا" ابدا" فلا ضير ... "وان يكن بهم خير فسيلحقهم الله بكم " ما أشنع هذا التحريف للنصوص !! فالنصر في رأي الذي كان " أمة" وحده ووفاته منبوذا" في الصحراء كافية لاثبات اهميته وجرأته في الحق وثباته عليه في وجه ما رآه باطلا" وتحريفا" لتعاليم الاسلام من السلطات الحاكمة .

v تطوير الثقافة التنظيمية لتستوعب الخلاف وتديره بدل تفجيره واقصاء المخالفين تجميدا" وفصلا" , فالقيادة التي لا تستوعب الاختلاف ولا تديره هي قيادة هلامية لا خط لها من اسمها الا الحروف المتجردة المفككة !

v البعد عن منطق التخوين فلا القيادة يجوز لها ذلك ولا القاعدة بل حسن الظن اولى " واذا ظننت فلا تحقق " لأن الظن في هذه الحال "أكذب الحديث " ما لم تدعمه وقائع واثباتات وقرائن تجعله من "حسن الفطن"

v التفاوض العقلاني ومواجهة الافكار والاشخاص والبعد عن تجريح الاشخاص والهيئات وعدم الكلام الاّ بالخير..

v ادراك الاختلاف رحمة وسعة للأمة وليس ظاهرة مرضية ..ورحم الله أئمتنا الاعلام من قال منهم :"رأيي صواب يحتمل الخطأ ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب "
نعم رحم الله امامنا محمد بن ادريس الشافعي , الذي علّمنا أدب الخلاف وفن الاختلاف .

وفي المحصّلة .. فان الحوار الهادىء العقلاني حاجة موضوعية وضرورة شرعية وحضارية للحؤول دون سيادة ثقافة التخوين و التشكيك في صفوف الاسلاميين وان الاخذ بالآليات والتوجه نحو البناء لا الهدم من كلا الفريقين قادة" وقاعدين كفيل بتوفير أجواء النقاش الموضوعي لمختلف الآراء والحفاظ على الشخصية الاعتبارية لأصحايها وبناء الشخصيات المتوازنة القادرة على القيام بمهام النهوض الحضاري بالحركة الاسلامية الى مواقع التأثير والقرار

*بتصرّف عن الرسالة في العمل الاسلامي - (م.محمد.الحمداوي) - حركة التوحيد والاصلاح *

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق