الأربعاء، 3 أكتوبر 2012

ماذا يحصل في المحاكم الشرعية السنية؟لينا فخر الدين - السفير - السبت 22 أيلول 2012

ماذا يحصل في المحاكم الشرعية السنية؟
يهادن مفتي الجمهورية الشيخ محمّد رشيد قباني ويمرّر القضايا والتعيينات. لا يمكن القول إن «ورقة تفاهم» وقّعت بينه وبين «المستقبل» تحت «ضوء القمر»، إذ ان الفرز في كلّ المؤسسات التابعة لدار الفتوى بين موالٍ لـ«الأزرق» ومؤيدٍ للمفتي ما زال مستمرا.
سارت التشكيلات القضائية للمحاكم الشرعيّة السنيّة العليا عبر القنوات الرسمية المخصصة لها: كتب رئيس المحاكم القاضي عبد اللطيف دريان أسماء المرشحين وناقشها مجلس القضاء، ومن دون ضجّة وقّعها وأُحيلت إلى رئاسة الحكومة للتوقيع عليها قبل إحالتها إلى بعبدا لتصدر في مرسومٍ جمهوري وتنشر في الجريدة الرسمية.
تؤكّد مصادر مقرّبة من قباني أن الأخير «مدرك اللعبة»، لأن التشكيلات القضائية المذكورة ليست سوى طريق فرعية يسلكها الرئيس فؤاد السنيورة للتحضير لانتخابات المجلس الإسلامي الشرعي الأعلى و«الاستحقاق الذهبي»، أي انتخاب مفتٍ جديد. كيف؟ مجموعة من القضاة، اختيروا بـ«درايةٍ زرقاء»، شملتهم التشكيلات في المحاكم الشرعية هذا الأسبوع، حتى تكون أصواتهم في المجلس كافية لقلب النتيجة رأساً على عقب لمصلحة «المستقبل».
وتؤكد مراجع في المحكمة الشرعية أن «المناقلات الأخيرة تمّت من دون مراعاة مبدأي الكفاءة والأقدمية»، مشيرةً إلى أن القاضي دريان هو الذي يقود معركة «المستقبل» في الجهاز الديني ضدّ قباني.
ويسهب هؤلاء في الحديث عن قاضٍ انتُدب في المحكمة العليا كمستشار وهو لا يملك من الخبرة إلا سنتين، في حين أنه من المفترض أن يعمل عشر سنوات على الأقل ليكون مؤهلاً لهذا المنصب، وآخر أُقصي عن التعيينات بعد 18 عاماً من العمل القضائي لأنه مقرّب من قباني. وقاضٍ آخر شوّهت صورته أمام المفتي لإبعاده عن المراكز الحساسة، وآخر لم ينقل إلى محكمة طرابلس بحجة أن مكان إقامته بعيد عن مركز عمله، وقاضٍ يطلب شخصياً نقله إلى «آخر الدني» ليس حباً بطول الطريق وإنما للقول بعد حين إن قباني نقله للانتقام منه.. وتطول اللائحة.
لماذا وافق قباني على هذه التشكيلات؟ تلفت أوساط الأخير الانتباه إلى أنه لا يريد خوض مواجهة مع أحد وهو عدّل في بعض المراكز حتى لا يظلم أحداً وحاول أن تكون النقاشات حول المناقلات في مجلس القضاء الشرعي تحت شعار الديموقراطية والابتعاد عن رفض بعض الأسماء كي لا تشوّه صورتهم كما دافع عن آخرين ألصقت بهم التهم جزافاً.
وترى أوساط أخرى في دار الفتوى أن التعيينات لم تقرّ إلا بعد حصول تسوية بين قباني ودريان، «فمرّت أسماء لا يريدها المفتي في مقابل نقل قضاة محسوبين عليه من مكانٍ إلى آخر وتعيينهم»، وتلاحظ أن التسوية تصب لمصلحة «المستقبل» بشكلٍ كبير، وتستغرب كيف أن قباني غض الطرف عن موضوع «يأكل من رصيده».
هذا في دار الفتوى، أما في المحكمة الشرعية، فيؤكد أحد القضاة أن المناقلات التي أقرت ستكون لها ارتدادات سلبية داخل الجسم القضائي، وهي أغضبت قدامى القضاة الذين يصفون ما حصل بأنه «غبن لحق بهم وحدهم». ويكشف القاضي أن بعض هؤلاء سيتقدّمون بطعون لنقض التشكيلات في مجلس شورى الدولة.
قد تنتهي «قصة المناقلات» لكن إذا ارتضى القضاة بـ«الأمر الواقع»، فإنهم قد يصبّون جام غضبهم بعد أسابيع على ما يسمى «توزيع الأعمال» للقضاة المعيّنين حديثاً ولغرف المحاكم.. وهنا «القصة كلّها» يقول هؤلاء.
«وإذا كان المفتي قباني قد حاول أن يَعدُل قدر الإمكان في التشكيلات التي قدّمت له، فإنه لا ناقة له ولا جمل في توزيع الأعمال، لأن العملية ستكون بيد دريان»، يقول أحد القضاة مشيرا الى أن دريان يقوم بنقل القضايا من قاضٍ إلى آخر حينما يكون المدّعي أو المدَّعى عليه من «حصة رئيس المحاكم».
في المحصلة، يبدو أن انتخابات المجلس الشرعي التي تمّ تأجيلها لأكثر من مرة تحت شعار «حماية دار الفتوى من التشرذم الداخلي»، قد تصبح بعد التشكيلات التي أقرت، قاب قوسين أو أدنى من التحقيق، إذ ان «تيار المستقبل» بعد مراكمة المكاسب، سيكون متلهفاً لخوض هذا الاستحقاق، ومن بعده انتخاب مفتٍ جديد. ويردّد البعض أن دريان هو أحد أبرز المرشحين لخلافة قباني، خصوصاً أن السنيورة يتبنّى هذا الترشيح

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق