الأربعاء، 3 أكتوبر 2012

الرّجوع إلى الزوج بعد ثلاث طلقات بقلم الشيخ د. جمال الدين شبيب

الرّجوع إلى الزوج بعد ثلاث طلقات ............................. بقلم الشيخ د. جمال الدين شبيب


الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

تُوجّه إلينا اسئلة عديدة بخصوص إمكانية رجوع المطلقة ثلاثاً لزوجها ..

طلقت أخت مسلمة من زوجها ثلاث طلقات متفرّقة بحكم قضائي في المحكمة الشرعية السنيّة. ثم أراد زوجها مراجعتها فقال : ذهبت إلى أحد المشايخ فأرجعها لي. بعد أن رفض القاضي في المحكمة عودتها لمطلقها ثلاثاً (حتى تنكح زوجاً غيره) بحسب مقتضي الآية الكريمة..

ولبيان وتوضيح الحكم الشرعي والتصرّف الصحيح في المسألة أقول وبالله التوفيق:

المطلَّقة ثلاثاً في القرآن الكريم

قال الله سبحانه: (الطَّلاَقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَلاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَأْخُذُواْ مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلاَّ أَن يَخَافَا أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ اللّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ اللّهِ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ فَلاَ تَعْتَدُوهَا وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللّهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ*فَإِن طَلَّقَهَا فَلاَ تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ حَتَّىَ تَنكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ فَإِن طَلَّقَهَا فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَن يَتَرَاجَعَا إِن ظَنَّا أَن يُقِيمَا حُدُودَ اللّهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللّهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ(البقرة،229و230)

ما يُستفاد من الآية

الطلاق لا يتكرر إلى مالانهاية، ذلك إن تكرار الطلاق يجعل الزوج في وضع الحاكم المطلق الذي لا تتحدد تصرفاته، ويجعل الحياة الزوجية تحت طائلة نزوات الزوج.لذلك حدد الشارع الحكيم عدد مرات الطلاق. حيث بإمكان الزوج أن يطلق ثلاث مرات فقط، ثم تحرم عليه المرأة بعد الطلاق الثالث إلا بعد أن تتزوج برجل آخر.

وعلى الزوج بعد الطلاقين أن يختار أحد الأمرين:

إما الإمساك بزوجته بالمعروف، وزواج صالح ومعاشرة حسنة، وإما إنهاء العلاقة الزوجية للأخير، وإعطاءها حقوقها كاملة بل والإحسان إليها إضافة إلى الحقوق.

وعند الطلاق يبقى المهر عند المرأة، ولا يحل للرجل إسترجاعه إلا في حالة واحدة هي: تنازل المرأة عن مهرها بإزاء قبول الرجل بطلاقها، إن هي أرادت الطلاق.

وبعد الطلاق الثالث خاصة إذا كانت الطلقات متفرّقات في مجالس متعددة ، فتحرم الزوجة على الزوج حتى تتزوج من رجل آخر زواجاً دائماً ويباشرها الزوج مباشرة جنسية كاملة، ثم إن طلقها تحل للزوج الأول بعقد جديد إن شاءت ذلك.

أما إذا كانت الطلقات الثلاث في مجلس واحد كأن قال لها : أنت طالق بالثلاث في مجلس واحد فهذا يعتبر من صريح الطلاق، وعليه فتكون زوجته قد بانت منه بينونة كبرى، وبناء على هذا فلا يجوز له مراجعتها ولترفع الزوجة أمرها للمحكمة لإثبات واقع الحال ليبنى على الشيء مقتضاه. هذا هو مذهب الجمهور.

وخالف بعض أهل العلم: فقال بأن طلاق الثلاث في المجلس الواحد يعتبر طلقة واحدة، وهذا القول اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية وآخرون.

وحسماً لأي نزاع أنصح أصحاب العلاقة مراجعة المحاكم الشرعية السنيّة والإلتزام بالحكم الصادر عنها والابتعاد عن سؤال أي من المشايخ. لأن السائل ربما يخفي بعض الأمور ليأتي جواب الشيخ لصالحه.

أما في المحكمة الشرعية فيتم التثبت من الوقائع وفقاً للأصول ليبنى على الشيء مقتضاه الشرعي والقانوني وفي هذا التزام واجب بحكم الحاكم الشرعي وصيانة للأعراض والنسل. والله تعالى أعلم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق